مستعربان يستكشفان الأدب العربي بالغرب

ندوة نظمت أمس بالدوحة حاضر فيها مستعربان عن الادب العربي باوروب
undefined
 
أحمد الشريقي-الدوحة

يجتهد المستعربان -الإيطالية إيزابيلا كاميرا دافليتو، والألماني آرنست هارتموت فاندريش- لنقل روائع الأدب العربي إلى اللغات الأوروبية، متحديين عوائق كثيرة بينها ضعف التمويل وتردد قارئ غربي لا يرى "مايثير في أدب العالم الثالث".

وتروي دافليتو -في ندوة نظمتها وزارة الثقافة والتراث والفنون القطرية ضمن فعاليات الصالون الثقافي بالدوحة أمس وأدارتها القاصة القطرية هدى النعيمي- شغفها بترجمة الأدب العربي إلى لغتها الإيطالية "الذي لم ينجز منه طوال قرن سوى 450 كتابا"، وتشعر برغبة شديدة في التعرف على الأوضاع الاجتماعية والسياسية والذي يعتبر الأدب بوابة رئيسة لفهمها.

بدأت إيزابيلا رحلتها مع الأدب الفلسطيني ورواده غسان كنفاني، وإميل حبيبي في روايته "سداسية الأيام الستة" لتوالي بعدها العديد من الترجمات بينها "مائة عام من الثقافة الفلسطينية و"الأدب العربي المعاصر من النهضة حتى اليوم" وقائمة أخرى طويلة.

قصور عربي
وترى أستاذة الأدب العربي المعاصر بجامعة روما أن "الأدب لعب ولا يزال دورا سياسيا واضحا و"بفضل الترجمة فقد أصبح الأدب الفلسطيني معروفا في الغرب عبر أدبائه الكبار: غسان كنفاني ومحمود درويش وجبرا إبراهيم جبرا وغيرهم".

وتنتقد دافليتو -عبر تجربتها الشخصية- قصور العرب في نقل معارفهم وأدبهم إلى الإيطالية حيث "لا يوجد بلد عربي واحد اهتم بترويج ترجمة الأعمال الأدبية للكتاب العرب إلى الإيطالية رغم أنها لغة مهمة أيضا فهي لغة ثقافة وفكر".

وتعتبر الأكاديمية الإيطالية أنه "إذا كان غسان كنفاني وإميل حبيبي نجحا في الماضي في شرح القضية الفلسطينية للعالم الغربي فإن عبد الرحمن منيف أوضح للعالم الغربي أن عدد السجون يزيد في البلدان العربية، وأن اكتشاف البترول في بلدان أخرى نتج عنه تغيرات اجتماعية وسياسية وسكانية هائلة".

وحسب المترجمة فإن "النتاج العربي بحر لا يهدأ ولا يمكن الحد من تدفقه ولا من تدفق الثورات العربية وكل ما يمكن فعله هو التعريف بهذا الأدب ونشره في الغرب" مشيرة إلى الدور الذي لعبته ثورات الربيع العربي في تعريف القارئ الغربي بإبداعات القاص السوري زكريا تامر والروائي خالد خليفة والدور الذي لعباه في كشف قمعية النظام السوري.

حامل المسيح
ولأن الترجمة هي أداة النقل والتعريف بالأدب العربي فقد اختار الأكاديمي آرنست هارتموت فاندريش، تقديم مفهومه الخاص بالترجمة لا باعتبارها جسرا بين حضارتين بل بوصف المترجم "حامل المسيح" مستندا في نحته للمصطلح على أسطورة مسيحية أوروبية هي أسطورة القديس كريستوفر الذي حمل طفلا وعبر به إلى النهر ليكتشف أن الطفل هو المسيح.

آرنست فاندريش:
الأدب العربي ما زال أسيرا لنظرة غربية متأثرة بتقاليد القرون القديمة

ويرفض مترجم أدب نجيب محفوظ وجمال الغيطاني وإبراهيم الكوني إلى الألمانية أن يكون المترجم جسرا، فالجسر -كما يقول آرنست- لا يتحرك ولا يتغير بخلاف المترجم الذي لا يجب عليه نقل نص من ضفة إلى ضفة أخرى بل عليه أن يكون عارفا وخبيرا بالضفتين.

وبشأن محددات الترجمة إلى الآداب الأخرى يلفت فاندريش إلى ضرورة وجود أعمال أدبية جديرة بنقلها إلى اللغات الأخرى، وأن تعرض بالمقابل شيئا مميزا عن العالم العربي فكريا وجماليا، مشيرا إلى اقتناعه بوجود هذه الأعمال العربية.

وعن واقع الأدب العربي في أوروبا فهناك خبران لدى فاندريش أحدها مفرح والآخر حزين، والمفرح هو أن الأدب العربي مقبول الآن في الغرب لكنه لم يصل لهذه الدرجة إلا عبر طريق طويل وصعب، أما الخبر المحزن فهو أن الأدب العربي لا يزال أسيرا لنظرة غربية متأثرة بتقاليد القرون القديمة.

ووفقا لهذه النظرة فإن القارئ الغربي يتوقع أدبا غرائبيا وقصصا خرافية وحتى فضائحية، ولكي تختفي هذه النظرة فإنها تحتاج وقتا طويلا، حسب قوله.

وعن ما إذا كان القارئ الغربي يحتاج أصلا لقراءة الأدب العربي يؤكد فاندريش أن الحاجة ماسة لذلك، معربا عن قناعته أن الأدب من أكثر المفاتيح مناسبة وتسلية لفهم الآخر، لافتا إلى أن الأدب له وظيفة مهمة وهي عرض جزء من المجتمع الذي يعبر عنه هذا الأدب.

المصدر : الجزيرة