القصة القصيرة الأردنية بندوة بعمّان

جانب من حضور ندوة القصة القصيرة
undefined

 توفيق عابد-عمّان

 
أثارت ندوة "القصة القصيرة الأردنية وموقعها على خريطة القصة العربية 2000 وحتى 2013″، التي نظمها منتدى الرواد الكبار بالعاصمة الأردنية عمّان مساء الثلاثاء، الكثير من القضايا المتعلقة بهذا اللون من الإبداع.

وقال أستاذ الأدب العربي بجامعة فيلادلفيا محمد عبيد الله في مداخلته بشأن واقع القصة الأردنية في الألفية الجديدة "إن سيطرة حالة من التناثر والتشرذم وتعدد المنابر جعلت من تحديد الخارطة المرجعية أشبه بالمستحيل، لذلك نرى أن كل قارئ يتابع خريطته التي قد لا يقرها الآخرون".

وعزا التشرذم إلى وسائل التواصل الاجتماعي "التي أتاحت لطوائف واسعة الكتابة والنشر دون مرجعيات نقدية وأدبية، وتراكمت آلاف القصص التي لا يعرف أحد قيمتها أو مستواها الفني".

كما اعتبر أن الإنتاج القصصي "المتناثر والمشتت يأتي مترافقا مع التحولات السياسية التي تتميز أيضا بالتفكيك والتجزئة وعدم الوضوح، وكأن الحالة الأدبية تعكس شيئا من التشتت السياسي والجغرافي الراهن".

وبحسب عبيد الله فإن الحالة الأدبية "لا تسير إلى الأمام دائما، والقصة القصيرة كسرديات تبدو مرشحة للدخول في مرحلة ضبابية قد تشهد نهوضا جديدا أو انقراضا، وإذا أريد للقصة أن تبقى فليس هناك خيار إلا الرجوع لمبدأ الحكي وتخفيف التجريد والشعرنة".

أما أستاذة النقد الحديث في جامعة "آل البيت" منتهى طه الحراحشة فقالت "إننا نعيش زمن القصة القصيرة"، معتبرة إياها من الفنون النثرية الجديدة ذات السيادة، ورأت أنها زاخرة بالشخصيات والأحداث والأنماط والأساليب الفنية وتعدد الفضاءات والأزمنة والمواقف والرؤى، وتكاد تكون معادلا للمجتمع الخارجي.

‪سحر ملص:‬  هناك نوع من القصص يغوص في أعماق النفس (الجزيرة نت)
‪سحر ملص:‬ هناك نوع من القصص يغوص في أعماق النفس (الجزيرة نت)

الديني والنفسي
وأضافت في مداخلتها حول ملامح القصة القصيرة الجديدة بالأردن أن الموروث الديني شكل ملمحا بارزا فنسج نصوصا جديدة جسدت دلالات عديدة وتفسيرات.

واستشهدت في ذلك بأعمال مثل "ربيع عجلوني" لصبحي فحماوي "زلزلت الأرض زلزالها بأصوات تهز الأرض وما عليها"، ولجأ الكتاب لاستلهام التاريخ وتوظيفه ممّا أعاد الاعتبار للكتابة التاريخية وأمدها بالحياة لتصير شكلا قصصيا يثير المسكوت عنه بطرق فنية تتوارى خلف خطاب التاريخ لتقديم قراءة للماضي انطلاقا من الحاضر.

وتحدثت عن اهتمام الكتّاب بالتحليل النفسي لشخصياتهم، فقالت "القصة عيادة نفسية". وحول هذا التعبير علقت القاصة سحر ملص قائلة "القصة نوعان الأول تقرؤه فيأخذك إلى عوالم ثرية ويغوص في الأعماق وخفايا النفس الدفينة يظهر دوافعها وكوامنها، ويطوف بالقارئ بمفاجآت حتى إذا انتهى من قراءتها وجد نفسه عبر تجربة نفسية مذهلة، وكأنه يقف أمام مرآة فاحصة تعري النفس وتكشف أسرارها، فيخرج بنتيجة إيجابية وقد ارتقى فكريا".

أما الثاني "فتحولت (القصة) إلى إرهاصات نفسية وغموض تدخل القارئ لدوامات تحت مسميات حديثة تجعل القارئ ما إن ينتهي من قراءتها حتى يحتاج لطبيب نفسي يخرجه من الأزمة النفسية التي أدخله فيها الكاتب".

‪فخري صالح: لم أقل يوما إن القصة القصيرة ماتت‬ (الجزيرة نت)
‪فخري صالح: لم أقل يوما إن القصة القصيرة ماتت‬ (الجزيرة نت)

معاناة
بدوره قال رئيس جمعية النقاد الأردنية فخري صالح إنه لم يقل يوما إن القصة القصيرة ماتت ولم يكن من "مطلقي هذه الفقاعات الإعلامية"، لأنه يعلم أن الأنواع الأدبية والأشكال تمر بدورات صعودا وهبوطا وتتحول أنظار القراء من نوع لآخر لأسباب تتعلق بتطورها وأخرى ثقافية وسياسية واجتماعية.

وأوضح أن القصة تعاني من تراجعات حاليا لأسباب تتعلق بتحولات الذائقة الأدبية وتفضيل الكتّاب والقراء معا للرواية لأن عالمها أكثر توزيعا وانتشارا ومقروئية، لذلك هجر كتاب القصة القصيرة -أو معظمهم- كتابتها إلى الرواية.

وحول هيمنة المرأة على القصة القصيرة، أوضحت القاصة حنان بيروتي أن الإبداع لا يرتبط بجنس المبدع ولكن "ثمة عوامل ظاهرة وخفية توجهه لصنف أدبي يناسب بنيته الثقافية والنفسية وتجربته الحياتية، وربما المرأة بحكم تكوينها أقرب للقص لأنها تمتلك عينا راصدة وتهتم بالتفاصيل الصغيرة وتلتقط خيط الوجع والفرح الخفي الذي يحرك الأحداث بالحياة".

المصدر : الجزيرة