أطفال سوريا يرسمون مآسي الحرب

الرسم وسيلة أطفال سوريا للهروب من الحرب - http://www.dw.de/الرسم-وسيلة-أطفال-سوريا-للهروب-من-الحرب/a-16561699
undefined

في إحدى قرى اللاجئين السوريين قرب الحدود التركية، تجتهد الفتاة صفا فاقي لإخراج أطفال اللاجئين من صدمة الحرب وواقعها المرير إلى أفق الخيال والرسوم، عبر تعليمهم كيف يعبرون عن دواخلهم وأحلامهم برسوم عكست بالنهاية ذاكرة صغيرة من المآسي وطفولة مهدورة.
 
بدأ القتال في حلب في شهر يوليو/تموز، وفي صباح أحد الأيام أيقظت أسرة فاقي انفجارات قوية حدثت على بعد أمتار قلائل من منزلها. هذا الصباح الدامي غيّر من حياة الأسرة التي جمعت أغراضها وغادرت إلى منزل العائلة في قرية "أطمة" شمال سوريا، والتي تقع قرب الحدود التركية.
 
لا شيء يملأ عل الأسرة الكبيرة حياتها في القرية، وهم الذين قد تعودوا على حياة المدينة. في الأيام الأولى كانت أخبار مدينتها تشغل يومها، القتال الدائر هناك وأخبار الناس، لكن الأمر أصبح مملاً بالنسبة لها. وبدأت صفا تزداد يقينا أن عودة الأسرة إلى منزلها في حلب لن تكون قريبة.
 

‪صفا وهي تعلم أطفال قرية أطمة الرسم‬ صفا وهي تعلم أطفال قرية أطمة الرسم (دويتشه فيلله)
‪صفا وهي تعلم أطفال قرية أطمة الرسم‬ صفا وهي تعلم أطفال قرية أطمة الرسم (دويتشه فيلله)

أطفال مصدومون

في أغسطس/آب بدأت القرية تصبح معسكراً كبيراً، فقد كان سكان مدينة حمص يعبرون البلاد للوصول إلى هذا المعسكر الذي يؤويهم من القتال الدائر في مدينتهم أيضاً. وفي المخيم اصطدمت صفاء بوضع الأطفال السيئ، فلا شيء يمكنهم اللعب فيه سوى الحجارة. تقول صفا "فكرت ذات مرة بما يمكنني عمله لهؤلاء الأطفال. قررت أن أشتري ألواناً وأوراقاً للرسم واجلبها إلى المخيم".
 
ولأن صفا تخرجت من أكاديمية حلب للفنون وتمتلك خبرة في تعليم الأطفال، وهي تعرف طريقة تفكيرهم إلى حد ما، بدأت تذهب للمخيم أربع إلى خمس مرات في الأسبوع. وكان هدفها إخراج الأطفال من مأساة الحرب وصدماتها.
 
كان إقبال الأطفال منذ البداية كبيرا على الرسم، لكن رسوماتهم كانت من أجواء الحرب، فقد بدؤوا يرسمون الدبابات والصواريخ وطائرات الهليكوبتر والجثث الملقاة على الطريق، إلا أن درس الرسم ترك الأطفال يعبرون فيه من خلال رسوماتهم عن أفكارهم عن الحرب، ومنحهم شيئاً من المرح، خاصة بعد أن عبروا عمّا في داخلهم من مخاوف عن طريق الرسم.
 
تقول صفا "لن تنتهي الحرب في سوريا قريبا، وأخاف على مصير هؤلاء الأطفال الأبرياء". فقد تحول المخيم الصغير إلى ما يشبه المدينة، ووصل عدد سكانه إلى عشرين ألف شخص، وما زالت صفا تزور الأطفال كل يوم لتعلمهم الرسم، وقد بدأت رسوم الأطفال هذه تصل كرسالة منهم للعالم.
 
تريد صفا من خلال هذه الرسوم البريئة والمعبرة عن أحلام طفولة مصادرة أن يعلم العالم ما يجري في سوريا من انتهاكات لحقوق الإنسان، فالناس يُقتلون وتُدمر المنازل والمدن، والأطفال شاهدوا وعاشوا أشياء فظيعة يُفترض أن لا يمروا بها.
المصدر : دويتشه فيله