القصص الإنسانية تطبع أفلام مهرجان برلين

مشهد من الفيلم الايراني "باردي"
undefined
ركزت أغلب أفلام الدورة 63 لمهرجان برلين السينمائي على قصص البسطاء من الناس الذين يعيشون في مدن صغيرة ناقلة إحباطاتهم ومشاغلهم وآمالهم، بعيدا عن صخب المدن العالمية الكبرى، في حين تناولت أفلام قليلة حياة ومشاكل الإنسان المعاصر.
 
واقتصرت أماكن تصوير العديد من الأفلام الحاضرة إما على الأديرة وإما على فضاء واحد، مع عدد قليل من الشخصيات، وكانت حركة الكاميرا تتتبع بدقة تلك الشخصيات لتنقل تفاعلات نفسية ودراما عالية، وببطء قاتل أحيانا.
 
وجاءت بعض أفلام المهرجان حافلة بأدوار نسائية عظيمة في إطار قصص تكون المرأة فيها مركز وبؤرة الحدث السينمائي.
 
‪لقطة من فيلم
‪لقطة من فيلم "غلوريا" للمخرج الشيلي سيباستيان ليليو‬ (دويتشه فيلله)

قصص حميمية

ففي الفيلم البولندي "إن ذي نايم أوف" يدخل كاهن في قرية صغيرة في معارك الحياة اليومية، كما تدور أحداث الفيلمين الفرنسيين "الراهبة" و"كاميي كلوديل 1915″ داخل دير.
 
ويتعرض كل من الفيلم الأميركي "أرض الميعاد" والفيلم الروسي "حياة طويلة سعيدة" لحياة مزارعين تنقلب حياتهم رأسا على عقب، عندما يرغب كبار ملاك الأراضي والشركات الصناعية في الاستيلاء على أراضيهم.
 
أما الفيلم الألماني "ذهب" فهو يلقي الضوء على الباحثين عن الذهب في الريف الكندي البعيد، ويظهر الفيلم النمساوي "أمل الجنة" مكانا منعزلا عن العالم خصص للفتيات وللفتيان البدناء.

وأثار فيلم "غلوريا" للمخرج الشيلي سيباستيان ليليو إعجابا كبيرا لدى جمهور البرلينالي، وهو يتناول قصة بسيطة وربما عادية، لكن بحساسية عالية ومن زاوية نفسية مؤثرة من خلال حياة امرأة خمسينية مطلقة (غلوريا)، التي لا تقيم مع أطفالها وتحاول من خلال دروس للرقص أن تبحث عن شريك، وقد استطاعت الممثلة باولينا غارسيا باقتدار أن تنقل على الشاشة إحساس الأمل والألم، وكيفية التعامل مع لحظات السعادة المسروقة من الروتين اليومي.

ومن رومانيا جاءت القصة الثانية التي تجري في مدينة كبيرة، واستطاعت أن تقنع جمهور المهرجان، إذ يحكي فيلم "تشايلدز بوز" قصة "كورلينيا"، وهي امرأة تتعرض لحادث سيارة وتقوم بكل شيء من أجل حماية طفلها من تبعاته. ومن خلال الفيلم يحاول المخرج كالين بيتر نسج بانوراما للمجتمع الروماني الكبير وتسليط الضوء على مختلف الطبقات الاجتماعية في رومانيا، التي يتميز مجتمعها بالتحول الموجع نحو الرأسمالية.

‪جعفر بناهي مُنع من مغادرة إيران وإنجاز أي عمل سينمائي‬  (غيتي إيميجز)
‪جعفر بناهي مُنع من مغادرة إيران وإنجاز أي عمل سينمائي‬ (غيتي إيميجز)

حضور إيراني
أما فيلم "برده" (الستارة المغلقة) للمخرج الإيراني جعفر بناهي -الواقع تحت الإقامة الجبرية في إيران- فقد نال بدوره إعجاب الجمهور، ويحكي قصة كاتب ومخرج سينمائي يختبئ في فيلا على الشاطئ ويعيش مع كلبه "الذي يعتبر في إيران حيوانا نجسا"، في حين لا يريد الكاتب الافتراق عن رفيقه الصغير، لذلك اختار المنفى.

وفي الفيلم -المرشح لإحدى جوائز المهرجان -يظهر بناهي في دور مخرج أيضا، وتبدو هناك تقاطعات كثيرة بين قصة الفيلم وقصة المخرج، غير أنه ينبغي أن ينظر له بوصفه فيلما وعملا فنيا فقط، بل بوصفه وسيلة تنقل خطابا سياسيا.

ويبقى سرا من أسرار المهرجان كيفيةُ تمكنه من عرض الفيلم الجديد لجعفر بناهي للمرة الأولى، وكيف وصلت نسخة من الفيلم إلى برلين؟ وقد رفض مساعد المخرج والممثل الرئيسي في الفيلم كامبوزيا بارتوفي الإفصاح عن الأمر.

وكانت الحكومة الألمانية طالبت إيران بالسماح لبناهي بالسفر إلى برلين لحضور العرض الأول لفيلمه، وكان المخرج الإيراني قد فاز بجائزة الدب الفضي في مهرجان برلين السينمائي الدولي عام 2006 عن فيلمه ‘أوفسايد’ (تسلل). وقبل ذلك فاز عام 2000 بالجائزة الكبرى لمهرجان البندقية السينمائي عن فيلم ‘ذا سيركل’ (الدائرة).

وبدأ بناهي صراعا مع السلطات الإيرانية، وبلغ ذروته عام 2010 مع صدور عقوبة السجن بحقه لمدة ست سنوات ومنعه لمدة 20 عاما من إخراج أي فيلم وكتابة سيناريو وإجراء أي مقابلات ومغادرة البلاد.

المصدر : دويتشه فيله