الكُتاب العرب وهاجس التحولات بالمنطقة

من الفعاليات الثقافية العملنية خلال اجتماع الكتاب والادباء العرب بم�
undefined

طارق أشقر-مسقط

 
هيمنت التحولات السياسية والأحداث الراهنة التي تعصف بالمنطقة العربية على اجتماع المكتب الدائم للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب الذي اختتم أعماله الأربعاء بالعاصمة العُمانية مسقط، وذلك على الرغم من سيطرة الصبغة الثقافية الكاملة على الفعاليات المصاحبة للاجتماع طوال فترة انعقاده من 24-27 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
 
وقد انعكس هاجس التحولات السياسية بالمنطقة بوضوح على البيانات الثلاثة التي أصدرها الاجتماع الذي كان مغلقا، وهي البيان الختامي والثقافي، وبيان الحريات في الوطن العربي، التي كشف مضمونها عن تخوف المبدعين والكتّاب العرب من التأثير السلبي لتلك التحولات على مسيرة الإبداع الأدبي والفكري بالمنطقة.
 
وجاء بالبيان الختامي أن المجتمعين استعرضوا التطورات والأحداث التي تعصف بالوطن العربي على امتداده وعلى الصعد كافة، وما يحمل ذلك من مخاطر على الوحدة الوطنية والتأسيس للفتن المتسترة بالطائفية أو المذهبية أو العرقية.
 
‪من حضور يوم الافتتاح الرسمي لاجتماع الكتاب بالعاصمة العُمانية‬ (الجزيرة)
‪من حضور يوم الافتتاح الرسمي لاجتماع الكتاب بالعاصمة العُمانية‬ (الجزيرة)
ظلال السياسة
وأضاف البيان أن المجتمعين استعرضوا تأثير تلك التحولات على الحركة الثقافية والأدبية والسياسية، وأنهم تداولوا الواقع السياسي وتطلعات الجميع إلى الإصلاح والحريات العامة والحياة الديمقراطية السليمة.
 
أما البيان الثقافي، فأشار إلى أن الأحداث الأخيرة بالمنطقة العربية أظهرت انهيار سلطة هنا وسلطة هناك، وفي غياب القوى الحقيقية للثورة لم يؤسس لبدائل مدنية ديمقراطية قابلة للمراكمة والتطوير ولوضع الشعب العربي على طريق التقدم والنهضة والتعددية.
 
كما نص -متابعا الحديث عن نتائج تلك التحولات- بأنها "أطلقت العنان لدورة مرعبة من الفوضى الهدامة والهويات القاتلة وجماعات التكفير الإرهابي والذبح على الهوية المذهبية فضلا عن إحراق وتدمير المكتبات والنصب والمعالم التراثية في أكثر من بلد عربي".

ودعا البيان لبلورة مرجعية معرفية لتشخيص ما يجري واستشراف آفاقه، لاستعادة دور الثقافة والمثقفين في التغيير المنشود، ولمواجهة الخطاب التكفيري وإطلاق إستراتيجية تنوير شاملة تحتفي بالعقل والوعي النقدي والذائقة الجمالية، وتؤكد على هوية الأمة وتربط بين الحريات الفردية والعدالة الاجتماعية والتكامل القومي.

كما أكد ضرورة إعلان ميثاق شرف ثقافي يلزم المثقف بعدم التورط في أي شكل من أشكال التضليل والتحريض المذهبي والجهوي أو التحريض على القتل وسفك الدماء، وعدم الدعوة إلى التدخل الخارجي في أي بلد عربي.

أما بيان الحريات بالوطن العربي، فقد أكد أن رأي الكاتب وإبداع الأديب والمفكر ينبغي ألا يكون سببا للمساس بحريته، وأن الاتحاد يرى أن حرية الكاتب هي الضمان القادر على توسيع رقعة الجمال في مواجهة القبح والانكسار.

‪وجيه فانوس: دعا الكتّاب العرب لانتهاج رؤية ثقافية إستراتيجية لا ترتهن للتقلبات الراهنة‬ (الجزيرة)
‪وجيه فانوس: دعا الكتّاب العرب لانتهاج رؤية ثقافية إستراتيجية لا ترتهن للتقلبات الراهنة‬ (الجزيرة)

مسؤولية المثقف
وحول الدور المنوط بالكاتب العربي في ظل التحولات الراهنة، أكد الأمين العام للاتحاد رئيس اتحاد الجزائر يوسف شقرة، في حديث للجزيرة نت، أن الكاتب العربي بهذه المرحلة تقع عليه المسؤلية الكبرى كونه ضمير الأمة، فينبغي أن يكون المتنور والمنور الأول بأفكاره وقناعاته لاستشراف القادم.

وطالب شقرة الكتاب بأن يعطوا منهاجا مرحليا يساعد على تخطي الأزمات الحالية التي تعيشها الأمة العربية.

ومن جانبه، توقع الأمين العام لاتحاد الكتاب اللبنانيين د. وجيه فانوس تحولات أكبر مما حدث، واصفا الراهن الثقافي والسياسي بغير المستقر، وأن المنطقة قد تمر بما سماه مرحلة إرهاصات الإبداع أو الانحطاط، ودعا الكتاب العرب إلى التفاعل بإيجابية وبرؤية إستراتيجية مستقبلية واضحة غير مرتهنة للتقلبات الآنية.

كما تحدث للجزيرة نت الأمين العام للاتحاد القومي للأدباء والكتاب السودانيين د. الفاتح حمدتو مؤكدا أن مرحلة ما بعد الربيع العربي أثرت كثيرا على المجريات الثقافية بالمنطقة مستحدثة ثقافة جديدة يأمل أن تكون في مصلحة الوطن العربي.

يُشار إلى أن هذا الاجتماع الذي استضافته الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء حضره ممثلو اتحادات وجمعيات وروابط الكتاب والأدباء الأعضاء بالاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وصاحب الاجتماع معرض للكتاب العُماني وآخر للفنون التشكيلية العُمانية وندوة عن ملامح الثقافة العُمانية وليال شعرية وبورتريهات لوجوه كتاب عرب.

كما تضمنت الفعاليات تسليم جائزة القدس للكاتبة المغربية خناتة بنونة صاحبة رواية "النار والاختيار" وقد تبرعت بها مالياً لصالح مؤسسة بيت المقدس.

المصدر : الجزيرة