أدباء البصرة يشكون التجاهل الرسمي لإبداعهم

واجهة مبنى اتحاد أدباء البصرة
undefined

عبد الله الرفاعي-البصرة
 
يحمل الشاعر سعدون البهادلي -المولود في البصرة عام 1955- مسودة لقصائده صباح كل يوم ليجلس على الرصيف في منطقة العشار -قلب مدينة البصرة- مواجها عكازيه الذين يحملانه بعد أن بترت ساقه لإصابته بمرض السكري، فقد البهادلي ساقه وقوبل نتاجه الأدبي بالتجاهل من قبل المؤسسات الثقافية الرسمية كعدد كبير من أدباء البصرة.

 
بعد الشعر الذي لم يلق صدى واهتماما، احترف الشاعر العراقي البيع على الأرصفة، بينما يساعده ولده حيدر بتوزيع بضاعة الملابس التي اشتراها من تجار الجملة ليبيعها في نهار بصري لا يرحم، حيث البرد والمطر شتاء وحرارة الشمس وسخونة الرصيف والغبار صيفا.
 
يتحدث البهادلي للجزيرة نت بزهو كونه أحد الشعراء العراقيين الذين نشرت سيرته وقصائده في معجم البابطين للشعراء العرب، وهو لا يرى أي جدية بوزارة الثقافة العراقية في أن تنتشله من واقعه المتعب، أو أن تقوم بطبع نتاجه الشعري الغزير.

مثل البهادلي هناك عدد غير قليل من الأدباء والكتاب ممن لم يجدوا فرصة لنشر كتبهم بالرغم من أنهم قدموها لدار الشؤون الثقافية ببغداد المسؤولة عن طبع كتب الأدباء، إلا أنهم ينتظرون سنوات دون أن تطبع، في وقت تنشر الدار كتبا لأسماء غير معروفة في الوسط الأدبي العراقي.

‪الشاعرالبهادلي أكد أنه لا يرى جدية من قبل وزارة الثقافة لطبع دواوينه وإنقاذه من واقعه المتعب‬ (الجزيرة)
‪الشاعرالبهادلي أكد أنه لا يرى جدية من قبل وزارة الثقافة لطبع دواوينه وإنقاذه من واقعه المتعب‬ (الجزيرة)

أدب الإستنساخ
أشد ما يشغل الأديب هو أن يرى نتاجه الأدبي مطبوعا، وفي خطوة جريئة -كما يصفها مثقفون- شكل الأدباء البصريون في أواخر القرن العشرين ما يسمى بأدب الاستنساخ، وهي فكرة قائمة على أن يطبع كل أديب كتبه بعدد محدود لا يزيد عن ألف نسخة بأجهزة الريزو البسيطة وليس بمطابع الأوفسيت التي تكلف كثيرا.

فيما يطبع الغلاف بطريقة تسمى محليا السكرين وهي طريقة يدوية يرون أنها حققت لهم جزءا من طموحهم وجنبتهم رقابة الدولة الصارمة على المطبوعات، فيما شكلوا مجموعات أحدثت نقلة نوعية -بحسب النقاد- في مستويات النص السردي والشعري ومنها جماعة "قصص أواخر القرن العشرين" و"جماعة فضاءات شعرية".

‪كريم جخيور: عبر عن أمله بأن تتولى السلطات المحلية والحكومة المساعدة في الاهتمام بنتاجات الأدباء في البصرة‬ (الجزيرة)
‪كريم جخيور: عبر عن أمله بأن تتولى السلطات المحلية والحكومة المساعدة في الاهتمام بنتاجات الأدباء في البصرة‬ (الجزيرة)

مبادرة
ومع صعوبات النشر من خلال دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد كونها المركز الرئيس لإصدار الكتب في العراق أقدم اتحاد الأدباء والكتاب في محافظة البصرة على خطوة بالتعاون مع إحدى شركات الاتصالات في المدينة التي ساهمت في طبع أكثر من مائة كتاب للأدباء البصريين.

ويؤكد رئيس الاتحاد كريم جخيور للجزيرة نت أن الأدباء الذين طبعت نتاجاتهم الأدبية هم أدباء الداخل والخارج من البصريين، حيث تنوعت المطبوعات ما بين الشعر والقصة والرواية والنقد والتشكيل والسينما والموسيقى والترجمة.

ويأمل جخيور أن تمد السلطات المحلية والحكومة أيديها للاتحاد في هذا المجال لتمكنهم من تغطية كامل المشهد الثقافي وبكافة تمظهراته وأجياله خاصة وأن في البصرة أكثر من 250 أديبا وكاتبا.

من جانبه اقترح الناطق الرسمي بإسم اتحاد الأدباء مؤيد حنون تعاونا مشتركا بين دار الشؤون الثقافية العامة بوزارة الثقافة وفروع اتحاد الأدباء من أجل تحقيق عدالة ومساواة في طبع النتاجات الأدبية.

وبين حنون -في حديث للجزيرة نت- أن دار الشؤون الثقافية لم تكن بمستوى طموح الأدباء والكتاب مقارنة بشركة الاتصالات التي طبعت كتبا لأدباء البصرة وهو خارج تخصصها، الأمر الذي يشير إلى مدى الغبن الذي لحق أدباء المحافظات. ويرى أنه ليس من السهل الوصول إلى دار الشؤون الثقافية دون وسيط متنفذ فهي تعتمد العلاقات والمحسوبية في طباعة الكتب.

‪جابر خليفة جابر: دعا الحكومة العراقية لفتح الملف الثقافي أسوة بملف الأمن‬ (الجزيرة)
‪جابر خليفة جابر: دعا الحكومة العراقية لفتح الملف الثقافي أسوة بملف الأمن‬ (الجزيرة)

خطة للنشر
ويرى القاص جابر خليفة جابر -وهو من المساهمين الفاعلين في جماعة "قصص أواخر القرن العشرين"- أن على دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد أن تضع خطة واضحة المعالم تحدد فيها عدد ما ستطبعه في القادم وكيفية توزيعها بين المحافظات، مراعية حجم السكان والثقل الإبداعي لكل محافظة.

ويجدد جابر دعوة كل أدباء مدينة البصرة للحكومة العراقية إلى أن تفتح الملف الثقافي أسوة بملف الأمن لأهميته القصوى كعامل وقاية، وتأسيس دور نشر كبرى مساهمة يحق للمبدعين فقط شراء أسهمها بنسبة 50% وليس 49% ليشاركوا في تقرير سياسة الشركة وتحرير مبدعي العراق من تلاعب الناشرين العرب وجشعهم وحتى أغلب الناشرين العراقيين كذلك.

المصدر : الجزيرة