تشكيليو العراق يلوذون بـ"المتنبي"

تقرير: شارع المتنبي يحتضن أعمال التشكيليين العراقيين - بعض المعارض التي تقام كل يوم جمعة في شارع المتنبي
undefined

علاء يوسف – بغداد

احتضن شارع المتنبي أعمال العديد من الفنانين التشكيليين العراقيين، بعد أن عجزوا عن عرضها في قاعات فنية، بسبب التعقيدات التي تفرضها وزارة الثقافة على عرض مثل هذه الأعمال في قاعات العرض في بغداد.

وقال الفنان التشكيلي وسام الفراتي في حديثه للجزيرة نت إن "كثيرا من الفنانين العراقيين وجدوا ملاذهم في شارع المتنبي هربا من روتين وزارة الثقافة والتكاليف المرتفعة لصالات العرض، مبينًا أن العلاقات والمحسوبية تلعب دورا مهما في إقامة المعارض".

وأوضح الفراتي أن شارع المتنبي له مكانة في الوجدان الثقافي لدى العراقيين وهو واحد من أهم ميادين المعرفة لديهم، ويبدو ذلك من خلال حضور المئات من المثقفين، والإقبال الكبير من الزوار خصوصا في يوم الجمعة. وهذا لا يتحقق في قاعات العرض.

المرسم الحر يتيح للناس تقييم الجيد والرديء من الأعمال الفنية (الجزيرة نت)
المرسم الحر يتيح للناس تقييم الجيد والرديء من الأعمال الفنية (الجزيرة نت)

الروتين والقيود
من جانبها أكدت الفنانة التشكيلية منى مرعي أن الفنان التشكيلي تحرر كثيرا بعد أن قام بعرض أعماله في شارع المتنبي، الذي يحضره عدد كبير من المثقفين الذين يمثلون كافة أطياف الشعب العراقي.

وأشارت إلى بعض السلبيات في عرض الأعمال بشارع المتنبي، منها غياب الرقيب واللجان الفنية، لأنه شارع مباح للعرض، سواء كانت الأعمال بالمستوى المطلوب أو دونه. مبينةً أنها "مع إقامة المرسم الحر لكي يتمكن الناس من تقييم الجيد والرديء".

وأكدت أن قاعات العرض لا تتجاوز اليد الواحدة في العاصمة بغداد، وعندما تلجأ لها لإقامة معرض فني فإنها تفرض على العارض مبلغا من المال، أو نسبة من المبيعات، أو الاثنين معا، وبعضها تبدي رأيها في الأعمال لقبولها أو رفضها.

وأوضحت أن الفنان الحقيقي يفرض نفسه بعمله سواء كان في شارع المتنبي أو قاعة العرض، لأن العمل الجيد هو الذي يثبت وجوده ويحقق البقاء.

من جانبه رحب الرسام سمير بجاي بإقامة المعارض الفنية في شارع المتنبي، لأنه حراك فني يخدم الحركة التشكيلية. وأضاف أنه يشجع إقامة المعارض في أي مكان سواء في الشارع أو في قاعة، بشرط أن يكون فنا هادفا يخدم المجتمع.

وقال بجاي في حديث للجزيرة نت إن "الكثير من الأعمال التي عرضت في شارع المتنبي جيدة، ويكفي أن الشباب هم من قدموها لأن لديهم تطلعات وآمالا". وأوضح أن "بعض قاعات العرض أصبحت حجر عثرة في طريق الكثير من الفنانين المبدعين من خلال الشروط التعجيزية التي لا يستطيع القبول بها".

البيضاني: المعارض المفتوحة تفقد الأعمال بعضا من جمالياتها(الجزيرة نت)
البيضاني: المعارض المفتوحة تفقد الأعمال بعضا من جمالياتها(الجزيرة نت)

التذوق الجمالي
وقال الفنان التشكيلي ماجد البيضاني للجزيرة نت إن الفنان التشكيلي في العراق يواجه تحديات كبيرة منها ضعف الدعم المادي، وغياب صالات العرض، والإجراءات الأمنية في وزارة الثقافة، مما أدى إلى عزوف الناس عن المجيء إلى المعارض الفنية التي تقام بها، مبينا أن "أغلب الهواة لجؤوا مؤخرا إلى شارع المتنبي لعرض أعمالهم، وهذا شيء جيد للنهوض بالحركة التشكيلية".

وأضاف أن "الفنانين الهواة يطمحون لتحقيق ذواتهم ووجودهم مما اضطرهم لعرض أعمالهم في شارع الثقافة. فالتذوق الفني سيتبلور وينضج من خلال مشاهدة الأعمال التشكيلية بكل مدارسها وتقنياتها ومستوياتها المختلفة".

واستدرك البيضاني بقوله "إلا أن عرض الأعمال الفنية في الهواء الطلق يفقدها حلقة مهمة في مسألة التذوق الجمالي وهي غياب المكان المناسب للعرض الفني، وستبقى العملية ناقصة مهما كانت إيجابياتها"، موضحا أن "الفنانين الكبار لا يمكن عرض أعمالهم في الشارع".

وأشار إلى أن "التمعن باللوحة يحتاج إلى مكان هادئ وبعيد عن الضوضاء، وكذلك الإضاءة ولون القاعة".

المصدر : الجزيرة