استقالة مدير مهرجان فوانيس بختام فعالياته

تقرير - لماذا استقال مدير مهرجان "فوانيس" المسرحي - نادر عمران
undefined

توفيق عابد-عمّان
 
في ختام فعاليات أيام عمّان المسرحية الثامنة عشرة "فوانيس"، أعلن مدير المهرجان نادر عمران استقالته احتجاجا على مضايقات من جهات رسمية لم يحددها عقب ما سماه "تسعة عشر عاما من ارتكاب خطيئة الثقافة"، كما جاء في بيان مهره بتوقيع "متشائل" في إشارة للروائي الفلسطيني الراحل إميل حبيبي وبطل روايته الشهيرة سعيد أبي النحس.
 
وأشار عمران إلى أنه يريد أن يفتح طريقا لجيل قادم قادر على العطاء، تكون أمامه معوقات أقل وأفقا أوسع، موجها رسالة ساخنة إلى "من يأكلون خير الأردن ويذبحون طيره.. يفرحهم قتل الفرح والحرية ويستفزهم أن يكون هناك إنتاج" كما يقول.
 
وأشار عمران -في حديث خاص للجزيرة نت- إلى أن مسؤولين بالمركز الثقافي الملكي منعوا الأربعاء إدخال بندقيتين لاستعمالهما ضمن عرض مسرحية "جسر العودة"، رغم موافقة مديرية الأمن العام التي زودتهم بالأسلحة، ولم تحل المشكلة إلا بعد تدخل من رئاسة الوزراء.
 
وأضاف أن الوفد العراقي لم يتمكن من الحضور بسبب تأخر تأشيرات الدخول، كما اضطرت إدارة المهرجان لدفع 170 دولارا كرسوم لتأشيرات دخول للوفد التونسي للسبب ذاته، وهذا لم يحدث أبدا في مهرجانات سابقة، حيث كان المشاركون يعفون من هذه الرسوم.
 
وكشف عمران أنه سيتفرغ للمسرح، حيث يعكف حاليا على كتابة مسرحية بنبض شبابي تعبر عمّا يجري في الميادين العربية والمطالبات بالحرية والعدالة والكرامة.

وفي ختام المهرجان قدمت مسرحيتان أولاهما "جسر العودة"، التي ألفها وأخرجها نادر عمران. وعلى مدى 75 دقيقة قدمت المسرحية تأريخا لفلسطين "عندما كانت وطنا لأي إنسان حر، ينتظم فيها الناس في علاقات مقننة دون قوانين مكتوبة، بها نظام للتعايش بين البشر يتبعه الجميع دون أن يكتب.. يزرعون ويحصدون فيأكلون من طبيعتهم الخصبة أطعمتهم التي يتميزون بها" كما يقول عمران.

‪لقطة من مسرحية
‪لقطة من مسرحية "سفر" التونسية التي عرضت في ختام مهرجان فوانيس‬ (الجزيرة نت)

عرضي الاختتام
واستعرضت "جسر العودة" تطورات قضية فلسطين بكثير من الكوميديا السياسية اللاذعة وموقف الزعماء العرب من تسلسل أحداثها المتعاقبة، "قادة الدول العربية سيهبون هبة واحدة لإنقاذ فلسطين.. ما خرّب بيتنا إلا الزعماء العرب".

وتطرقت أيضا لطريقة التعامل مع الفلسطينيين على الحدود العربية والبطاقات الخضر والصفر التي تعطيها الجهات الأردنية لسكان الضفة الغربية، والخروج من بيروت وحتى ترحيل طلاب فلسطينيين من القاهرة عقب توقيع اتفاقية كامب ديفد بين مصر وإسرائيل وتوزيعهم لاستكمال دراستهم على عواصم عربية أخرى، وهي تجربة المؤلف نفسه. ولم تستثن المسرحية الجيوش العربية التي ذهبت إلى حفر الباطن، من خلال حوار بين جندي مصري وآخر سوري في خندق مراقبة على الحدود.

وقدمت  الفنانة لينا صالح عددا من الأغاني التراثية لاقت استحسان الحضور، فيما أجاد الممثلون أشرف العوضي ويزن أبو سليم وسمر محمد وماري مدانات أدوارهم، وأتحفوا جمهورهم بالقفشات السياسية أحيانا والعاطفية أحيانا أخرى.

أما مسرحية "سفر" التونسية التي تبرز نضوج التجربة التونسية في مجال المسرح وريادتها عربيا، فتنتمي لمسرح العبث وتتناول تشخيص أوضاع مجموعة من المتقاعدين الذين أصبحوا معزولين عن الآخرين لكنهم روضوا القلق حتى أصبح جزءا منهم.. يفيض الكلام وتتهشم الحركة.. تصمت.. وفي لحظة تستفيق وكأن شيئا لم يكن.

وعلى مدى 85 دقيقة عبّر الفنانون صباح بوزويتة ونعمان حمدة وسفيان الداهش والمخرج سليم الصهناجي، بصدق وموضوعية عن قضية المتقاعدين الذين يجدون أنفسهم على هامش الحياة عقب بلوغهم سنا معينا، حتى أقرب الناس إليهم لم يعودوا يتصلون بهم أو يزورونهم. وهذه ليست قضية تونسية بل عربية عامة.

المصدر : الجزيرة