أدب إسرائيل والنكبة.. أصوات مختلفة
وأشار -في مداخلته- إلى أن المبادرة جاءت على خلفية المشاريع الإسرائيلية لطمس النكبة منذ عقود، ويتجلى ذلك في مناهج التعليم والإعلام الرسمي وقانون حظر إحياء النكبة.
ويقول حيفر -وهو باحث في الأدب العبري- إن السواد الأعظم من الأدباء في إسرائيل يتعمدون عدم رؤية الآخر الفلسطيني وعذاباته، ويتعاملون مع النكبة بطريقة تهدف إلى طمسها وإغلاقها وكأنها قصة تاريخية منتهية.
والنكبة -وفقا للأكاديمي الإسرائيلي- لا تنطبق على أحداث 1948 فحسب، بل هي مستمرة طالما لم يعد اللاجئون الفلسطينيون إلى منازلهم وأراضيهم، وإسرائيل "ترفض الاعتراف بمسؤوليتها عن النكبة، خوفا من أن يمس ثمن الاعتراف بحق العودة بيهوديتها، والأدب العبري أيضا ملتزم بهذه الرؤية".
أصوات جديدة
وفي مداخلته بالمؤتمر، أكد أستاذ علم الاجتماع في جامعة تل أبيب يهودا شنهاف ما ذكره حيفر، واستعرض مظاهر استمرار النكبة من طرد الفلسطينيين من ديارهم 1948 وحرب لبنان ومذبحة صبرا وشاتيلا وغيرها.
وفند هو الآخر -في حديثه للجزيرة نت- مزاعم الصهيونية بأن اللجوء ظاهرة طبيعية وقت الحرب ونتيجة لها، لافتا إلى أن إسرائيل ما زالت تمنع اللاجئين من عودتهم. ويؤكد أن النتاجات الأدبية والأفلام السينمائية ومنصات الخطاب العام في إسرائيل ما زالت حتى اليوم تحجب حقيقة النكبة عن الإسرائيليين، الذين ما زالوا غير مطلعين على الصورة الشاملة.
ويؤكد شنهاف أهمية عقد مؤتمر في قلب تل أبيب بمشاركة عشرات المثقفين والمحاضرين يدعون فيه إسرائيل لتحمل مسؤوليتها عن جريمتها بحق الفلسطينيين وبوضوح.
الأديب سلمان ناطور لفت إلى أهمية مشاركة عشرات المثقفين الإسرائيليين في المؤتمر، واعتبر ذلك فاتحة لتيار أو توجّه جديد لدى الإسرائيليين، خاصة أن فئات متزايدة منهم باتت تشكّك في الرواية الصهيونية التاريخية بفضل نشاط جمعيات أهلية كجمعية "زوخروت" اليهودية المختصة بالرواية التاريخية الفلسطينية، إلى جانب نشاط جهات عربية.
ويرى أن هذه المتغيرات في الأدب والسينما الإسرائيلية ما زالت في بدايتها، لكنها تشكل بواكير وعي فكري وسياسي جديد، رغم أن "التيار الإسرائيلي المركزي ما زال يرفض الرواية الفلسطينية، ولذا تجاهل الإعلام العبري مؤتمر تل أبيب".
وحسب ناطور، فإن مشكلة الكتاب الإسرائيليين الذين تعاملوا مع النكبة بشكل عام تكمن في طرح الإسرائيلي -لا الفلسطيني- كضحية. لكن جيلا جديدا من المثقفين الإسرائيليين الشباب بدؤوا يبرزون الضحية الفلسطينية في نتاجاتهم مثل المخرج السينمائي إيال سيفان.