أدب ما بعد الاستعمار بملتقى بالجزائر

جانب من ندوات ملتقى الاستقلال في أدب مابعد الاستعمار.jpg
undefined

أميمة أحمد-الجزائر

 

مثل ملتقى "الاستقلال في آداب ما بعد الاستعمار"، المنعقد في الجزائر على هامش المهرجان الدولي الخامس للأدب والكتّاب الشباب نافذة مشرعة على ملامح آداب الشعوب التي تحررت من نير الاستعمار مع مطلع ستينيات القرن الماضي، وخاصة الأدب الجزائري مع احتفالات البلاد بالذكرى الخمسين لاستقلالها.
 
آداب البلدان المستعمَرة، كانت تنبض بخلجات شعوب عاشت تحت وطأة ظلم الاستعمار، كما تناولت نشوة الفرح بتحررها وانتصارها على المستعمر. ولم يخل هذا الأدب من نظرة ناقدة لمرحلة الاستقلال، وهو ما اعتبره المشاركون في الملتقى "دور آداب ما بعد الاستعمار في التنبيه إلى الانحرافات المحتملة بعد الاستقلال".
 
‪السعيد بوطاجين: التعددية في كتابة النص الأدبي الجزائري ساهمت في إغنائه‬ (الجزيرة)
‪السعيد بوطاجين: التعددية في كتابة النص الأدبي الجزائري ساهمت في إغنائه‬ (الجزيرة)
هيمنة الفرنسية
حضور الأدب الجزائري كان الأبرز، وهو يحتفل باليوبيل الذهبي لاستقلال رافقه الأدباء عند كل منعطف تاريخي وترك بصمة في المتن الأدبي الجزائري، فضلا عن التنوع اللغوي في كتابة النص الأدبي، حسب ما يراه الناقد السعيد بوطاجين أستاذ الأدب العربي في جامعة تيزي وزو بالجزائر.
 
وأوضح بوطاجين للجزيرة نت بعض سمات الأدب الجزائري في ما بعد الاستعمار، الذي "تعددت مرجعياته عبر كتابات تأثرت بالآداب المشرقية، كأدب نجيب محفوظ في مصر، وأخرى تأثرت بالأدب الروسي وأدب أميركا اللاتينية، وهو ما أنقذ الأدب الجزائري من ضغط المرجعية الفرنسية التي كانت المهيمنة".
 
وقد تميز الأدب الجزائري بالأدلجة، كما في أدب كل من الطاهر وطار وعبد الحميد بن هدوقة، حين تناولا الثورة الزراعية والصناعية والثقافية التي قادها الرئيس الأسبق هواري بومدين بتوجه اشتراكي حسب بوطاجين، الذي يعتقد أيضا أن" تعددية اللغة في كتابة النص الأدبي بين فرنسية وعربية وإيطالية وإسبانية، أغنت الأدب الجزائري".
 
غير أن هذا لم يمنع من "الصراع اللغوي" بين الكتاب باللغة العربية والكتاب الفرانكفونيين وفقا للروائي الشاب عمارة لخوص، الذي يكتب الرواية باللغتين العربية والإيطالية، ويتكلم الأمازيغية بالبيت، وتعلم العربية الشعبية بالشارع، والقرآن بالمدرسة القرآنية.
 
ويرى لخوص في حديثه للجزيرة نت أن "هذا الصراع  برز بعد الاستقلال بين الجيل الأول للروائيين، لكن هذا الصدام اللغوي أخذ في الانحسار مع الأجيال الجديدة من الكُتّاب، ودخول لغات أخرى للأدب الجزائري"، وهو ما يعد إحدى المحطات البارزة في الأدب الجزائري.
 
‪عمارة لخوص: أزمة العنف في التسعينيات بالجزائر تركت آثارها على الكتاب الشباب‬ (الجزيرة)
‪عمارة لخوص: أزمة العنف في التسعينيات بالجزائر تركت آثارها على الكتاب الشباب‬ (الجزيرة)

الأدب والسياسة
تأثير الثورة الجزائرية في كتابات الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي -حسب لخوص- عكس علاقة الأدب بالسياسة، وقد أساءت فيه السياسة إلى لأدب "لأن الأديب ليس ملزما بالتقيد بمبادئ سياسية في النص الأدبي، فهو حر، لذا ظهر جيل كُتّاب في التسعينيات أقل تقديسا وتمجيدا  للثورة، وهي ثورة عظيمة لاشك لكنها قابلة للنقد".

هذا الجيل الشاب من الأدباء وغيرهم -ولخوص أحدهم باعتباره قد ولد بعد الاستقلال بثماني سنوات- عاش سنوات أزمة العنف في تسعينيات القرن الماضي، التي يرى الروائي الجزائري الشاب أنها قد "تركت آثارا لا تمحى في ذاكرة الكُتّاب الشباب، فكتبوا من عمق معاناة الجزائريين، على عكس كتابتهم السطحية عن الثورة التحريرية التي عرفوها من الذاكرة الجمعية".

وحسب قويدر رابح سارة -أستاذة علم الاجتماع بجامعة بوزريعة بالجزائر العاصمة- "فقد تطور الأدب الجزائري لدى الروائي رشيد بوجدرة، الذي كتب روايته الأولى "التطليق" عام 1969وتناولت روايات بوجدرة أجواء المجتمع الجزائري، منذ أن كان تحت الاستعمار، إلى أزمة العنف، مرورا بنقده للعائلة الكبيرة والعلاقات الاجتماعية، كما أدخل معطى الجنس للأدب الذي كان من المحظورات".

المشاركون في الملتقى من فرنسا وأفريقيا والمغرب العربي ومالي والولايات المتحدة وآيرلندا خلصوا في أغلبهم إلى أن الأدباء في الدول التي خضعت للاستعمار كتبوا بلغة المستعمر ليقولوا له "تعلمنا لغتكم وتبقى لنا خصوصيتنا ونقاوم اضطهادكم"، تلك هي صرخة الأدب التي لازمت نضالات حركات التحرر، وتركت بصمتها على آداب ما بعد الاستعمار.

المصدر : الجزيرة