المكتبات الأهلية تعزز العربية بالصومال

المؤسسات التعليمية ساهمت في إنتشار الكتاب العربي وسط الصوماليين
undefined

عبد الرحمن سهل-كيسمايو
 
رغم الاضطرابات الأمنية الناجمة عن انهيار الدولة الصومالية في يناير/كانون الثاني 1991، والتي تطغى على المشهد برمته، وتعطل سير التنمية الاجتماعية الثقافية، ازدهرت المكتبات العربية في الصومال، مما ساهم في تعزيز الثقافتين العربية والإسلامية بالبلاد.
 
ويعود ظهور المكتبات العربية الأهلية في جنوب الصومال إلى 2002، حسب مدير المبيعات لدار المعرفة والنشر في مقديشو عبد القادر حاشي عباس، الذي قال للجزيرة نت "أسسنا دار المعرفة 2002 بناءً على نتائج دراسة ميدانية أجريناها، ورصدت الدراسة حاجة الناس إلى الكتب، وعدم وجود مكتبات محلية أو غير محلية التي توفر المصادر والمراجع الإسلامية والعربية للزبائن".
 
وتعدّ دار المعرفة للنشر والتوزيع في العاصمة مقديشو أول مكتبة شاملة حديثة تفتح في مقديشو، في حين ظهرت أول مكتبة أهلية في كيسمايو عام 2009، وتوجد مكتبات مشابهة في المدن الرئيسية الواقعة جنوب ووسط البلاد مثل بيدوا وهيران وجوهر وحدر، وترتبط أغلبها بدار المعرفة للنشر والتوزيع في مقديشو.

أما في منطقة بونتلاند فيعود ظهور المكتبات إلى عام 1996، ومن أشهرها مكتبة النسيم للشيخ أحمد فارح ورسمة، كما توجد مكتبات مشابهة في جمهورية ما يعرف بأرض الصومال وأبرزها مكتبة النور.

‪عبد الرشيد ولي إبراهيم توقع أن يصبح الكتاب العربي جزءا من حياة المواطن الصومالي‬  (الجزيرة)
‪عبد الرشيد ولي إبراهيم توقع أن يصبح الكتاب العربي جزءا من حياة المواطن الصومالي‬ (الجزيرة)

ثورة معرفية
وتوقع الناشط في مجال التعليم الأهلي الأستاذ عبد الشكور محمد رشيد مستقبلا زاهرا للثقافة العربية في الصومال نتيجة بروز ظاهرة المكتبات العربية في أغلب المناطق الجنوبية وغيرها. ووصف واقع المكتبات بالإيجابي، مشيرا إلى أنها "ساهمت في إحياء الثقافة العربية في الصومال".

واعتبر ظاهرة المكتبات الأهلية ثورة معرفية في الصومال قائلا إن "دور المكتبات العربية مكمل لأدوار المعاهد الشرعية والمدارس الأهلية والجامعات وحلقات الدورس في المساجد، بدليل أن الجميع ينهل من معينها ويستفيد من كنوزها ومصادرها المتنوعة". وتحدث عن ما وصفه بانتهاء عصر تهميش الثقافة العربية في الصومال بسبب ازدهار تجارة الكتب الدينية والعربية في الصومال.

ويرجع صاحب مكتبة "الرشد" في كيسمايو الشيخ عبد الرشيد ولي إبراهيم نهضة المكتبات كتجارة رابحة في الأسواق المحلية في العقد الأخير إلى عوامل عدة أساسية، أهمها إنشاء المدارس الأهلية والمعاهد والجامعات وإحياء حلقات الدروس الشرعية واللغة العربية في المساجد.

وتوقع أن يصبح الكتاب العربي جزءا من حياة المواطن الصومالي، ويصرف جزءا من مصروفه من أجل شراء كتب لتزويد مكتبته الخاصة بمختلف المصادر الإسلامية الثمينة.

أما الأستاذ محمد رشيد فقد أرجع نهضة المكتبات إلى عاملين إضافيين، يتمثلان في انتشار مراكز تعليم اللغة العربية في جنوب الصومال، وعودة مئات الشباب الصوماليين المتخرجين من الجامعات العربية، خاصة السودانية والسعودية واليمنية والمصرية.

وأدت العوامل السابقة مجتمعة إلى توفير بيئة ملائمة لإنشاء المكتبات استجابة للواقع الثقافي العربي الجديد في الصومال، وقد أشار المتخصص في علم الاجتماع الأستاذ أحمد وامو إلى ما يشبه ثورة معلوماتية في الصومال بسبب انتشار الكتب.

‪المرأة الصومالية أصبحت تقبل بشكل متزايد على اقتناء الكتب المتنوعة‬ (الجزيرة)
‪المرأة الصومالية أصبحت تقبل بشكل متزايد على اقتناء الكتب المتنوعة‬ (الجزيرة)

إقبال متزايد
ويستورد أصحاب المكتبات الأهلية مختلف المراجع الإسلامية والعربية من دول عربية أبرزها مصر واليمن ولبنان ومصر وسوريا والسعودية، إضافة إلى الكتب المدرسية السعودية والإماراتية.

وقال عبد القادر حاشي عباس للجزيرة نت "إن استيراد الكتب من الدول العربية ساهم في تراجع الكتب الرديئة الطبع في الأسواق المحلية، إضافة إلى المراجع الصوفية، وهو ما عزز ثقة الزبون في المكتبات الحديثة التي توفر مختلف المصادر العلمية الحديثة الصدور".

ويضيف أن المكتبات الأهلية "اكتسبت ثقة الزبون بسبب معروضها الذي يشمل مختلف الكتب الدينية، وهو ما لم يكن متوفرا قبل عقد من الآن". ويشير إلى مشاركة في معارض الكتب الدولية في مصر ولبنان بغرض شراء الكتب منها ونقلها إلى الصومال.

وفي هذا السياق يقول حاشي "نحن لم نصل إلى مرحلة أن نحجز جناحا خاصا لنا في المعارض العربية لعرض إنتاجنا المحلي، ولكننا متفائلون بوصولنا إلى هذه المرحلة في المستقبل المنظور".

وتحدث عبد الرشيد ولي إبراهيم عن تزايد إقبال الصوماليين على شراء الكتب المعروضة في المكتبات المحلية، وقال عبد الرشيد إن المرأة الصومالية تحتل المركز الأول في اقتناء الكتب الدينية مقارنة بالرجال. وتختلف أسعار الكتب المتوفرة في دور التوزيع في جنوب الصومال ويخضع ذلك لمدى جودة الكتب، شكلا ومضمونا.

المصدر : الجزيرة