غدامس.. عندما تتحول الصورة إلى نص
غدامس، من خلال بعثها مصورة تبدو للمتأمل كأنها تدعوه إلى زيارتها، ليخرج من قاعة العرض ويشد الرحال إليها وهي على بعد 700 كيلومتر من طرابلس، لكن اللوحات تبدو أيضا مبهرة ومقنعة، وقد حملت تلك المدينة الساكنة في عمق الصحراء إلى زائر المعرض بكل زينتها وبهرجها.
عين السائح والفنان
يؤم مدينة غدامس السياح من مختلف دول العالم، وهي مدينة قديمة يسكنها الأمازيغ والطوارق وبعض الأقليات الأخرى وتتميز بثرائها اللوني وكنوزها الفنية الأخرى من رقص وموسيقى وغناء وصناعاتها التقليدية التي تعتمد بالدرجة الأولى على سعف النخيل وجلود الجمال والطين والحجر والفضة والخرز.
زيارة غدامس لابد أن تستوقف السائح وكذلك الفنان ليتفاعل مع ما تحدثه في روحه من دهشة ومتعة، وهو ما بدا واضحا في لوحات الوحيدي التي لم تلتقط الصور بعين سائح وإنما بعين فنان يقتنص أشد اللحظات حرارة في المشهدية، واعتمدت في صورها على الضوء والظل وحافظت على نقائها من تدخلات (الفوتو شوب) المحسنة والمعالجة لأي خطأ فني يأتي نتيجة عدم ولادة الإحساس عبر المَلكة الفنية.
الوحيدي الحاصلة على إجازة في الرسم والتصوير وتصميم الغرافيك من جامعة طرابلس وكلية لاسال بكندا، اعتمدت في التقاط صورها على ما تمتلكه من خبرة وتخصص في هذا المجال، فالبدائية التي أسبغتها على صورها لم تكن عفوية وإنما مقننة وخاضعة لما تعلمته في الجامعة عن فن التصوير.
واختيارها للصروح المعمارية كان متنوعا حيث إنه شمل كل ما في غدامس من معمار قديم من مساجد وبيوت وأزقة وقباب وصوامع وغيرها، واستطاعت عبر هذه الصور أن تجلب إلى قاعة العرض المعمار الغدامسي الأبيض والمؤثث بأنسجة وطنافس وحصر وأطباق ذات ألوان بهيجة يجيد الأمازيغ والطوارق التعامل معها وتزيين بيوتهم ومحلاتهم بها.
غدامس ملتقى القوافل منذ القدم ما زالت حاضرة بقوة وقلما يزورها فنان أو كاتب دون أن يتعاطى معها إبداعيا. ويقول الفنان الليبي المخضرم مرعي التليسي عن المعرض "تصحبنا الفنانة في معرضها عبر رحلة تأمل صوفي لفنون عمارة فرضت سيطرتها عبر الأزمنة على يباب الصحراء لتكون ملجأ ومأوى للقوافل العابرة وسكنا للأرواح التائهة".