مقبرة توت عنخ آمون بمعرض باريسي
أبعاد ثلاثية
ولتجاوز هذه العقبة وجمع هذه القطع داخل فضاء واحد وحل مسألة نقلها، لجأ منظمو المعرض الحالي إلى نُسخ طبق الأصل من المقبرة ومحتوياتها تم تشكيلها بأبعاد ثلاثية تمنح المتأمّل فيها شعورا واقعيا مدهشا وتشكل اختبارا في غاية الإثارة.
ويشدّنا المعرض بجانبه التربوي القائم على إعادة تكوين الظروف التي تم فيها دفن الفرعون الشاب، وتلك التي تم فيها اكتشاف مقبرته، بغض النظر عن مسألة أصالة القطع المعروضة وإطارها. وفي هذا السياق، تمت الاستعانة بعدد كبير من العلماء بآثار مصر وبالنصوص التي كتبها كارتر حول هذه العملية وبمجموعة الصور التي التقطها مصوّر البعثة آنذاك، هاري بورتون، كما تمت الاستعانة بأهم الحرفيين المصريين لإعادة تشكيل ثلاث غرف جنائزية وأكثر من ألف قطعة كانت مرصودة لمرافقة الفرعون الشاب في سفره إلى العالم الآخر.
قطع مهمة
ومن القطع المهمّة التي يمكننا مشاهدتها في المعرض عربة الفرعون الحربية المغطاة برقائق ذهبية والمرصّعة بالأحجار الكريمة، والسرير الطقسي المزيّن برأسَي لبؤة، وكرسي عرش توت عنخ آمون الذي صُنع خصيصًا له وهو لا يزال في سن التاسعة، وقناعه الذهبي الشهير الذي كان يغطي رأس المومياء المكفّنة في تابوتها ويزن أصلاً ١١ كيلوغراما.
كما تشمل المعروضات تابوتا لتوت عنخ آمون على شكل مومياء مصنوعا من الذهب الخالص يزن ١١٠ كيلوغرامات، وتابوتين على شكل مومياء من الخشب المغطى برقائق ذهبية والمطعّم بأحجار نصف كريمة وعجائن زجاجية ملوّنة، وتابوتا آخر من الكوارتز بغطاء من الغرانيت، ومجوهرات الفرعون وتماثيل له وأخرى لآلهة مصر القديمة، وتوابيت أطفاله الذين وُلدوا أمواتا وأربع مقاصير خشبية مطلية بالذهب بأحجام متفاوتة.
ومع أن النواويس والصناديق كانت مغلقة لدى اكتشاف المقبرة، فقد قررت لجنة المعرض العلمية عرضها مفتوحةً وعدم إخفاء الغرفة الجنائزية خلف مذبحٍ كبير، كما في الأساس، كي يتمكّن الزائر من رؤية فضائها ومحتوياتها. أما القطع التي كانت موضوعة أصلاً داخل علب وصناديق فتُعرَض كل واحدة على حدة بهدف إظهار غنى كنوز مقبرة توت عنخ آمون وكشف مضمونها كاملا.
ويسمح المعرض بقطعه التي لا تحصى وعملية إخراجها، بتخيّل ما كانت عليه حياة هذا الفرعون وبتشكيل فكرة دقيقة عن الظروف والتجهيزات التي استبقت أو رافقت موته. ومن خلال ذلك، يساهم بقوة في التعريف بإرث مصر القديمة الفنّي والثقافي والديني المثير وفي تبديد بعض الغموض الذي يلفّ هذه الحضارة.