مبادرة لإحياء التراث القبطي بمصر

المؤتمر شارك فيه عدد من القساوسة والرهبان و سفراء الدول الإفريقية
undefined

أحمد عبد الحافظ-الإسكندرية

دعا مؤتمر التراث القبطي في أفريقيا، الذي اختتم أعماله مساء أمس الاثنين بمكتبة الإسكندرية، إلى ضرورة الحفاظ والاهتمام بالتراث المصري ودوره المحوري لتدعيم الروابط الحضارية والتاريخية الوثيقة التي تربط مصر بامتدادها القاري.

وأوصى المؤتمر، الذي نظمه برنامج الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية بالتعاون مع جمعية محبي التراث القبطي، بالتوسع في دراسة وإثراء المجتمع بالموروث الحضاري القبطي بإنشاء مجلس أمناء أو هيئة عليا للدراسات القبطية.

وطالب المشاركون -من قساوسة ورهبان وسفراء لدول أفريقية- بإطلاق مبادرة لإحياء التاريخ والتراث القبطي خارج حدوده الإقليمية بإنشاء أقسام للدراسات القبطية في الجامعات والمعاهد المصرية والتأكيد على العلاقة الوطيدة بين الشعوب الأفريقية.

وتضمن برنامج المؤتمر تنظيم ورش العمل حول عدة موضوعات كمستقبل الدراسات القبطية بمصر، والآثار القبطية بأفريقيا، والفنون والعمارة القبطية، والفولكلور القبطي، واللغة القبطية، إلى جانب افتتاح معرض "الأيقونات القبطية" الذي يضم عددا من الرسومات واللوحات الفنية التي تعبر عن التراث القبطي، بالإضافة إلى عرض فني لكورال موسيقي إثيوبي.

سعيد: الاهتمام بالتراث القبطي لا يعني التبشير بالمسيحية(الجزيرة نت)
سعيد: الاهتمام بالتراث القبطي لا يعني التبشير بالمسيحية(الجزيرة نت)

دور محوري
بدوره أكد المشرف على وحدة الدراسات القبطية بمكتبة الإسكندرية لؤي سعيد أن أهداف المؤتمر تمثلت في التعريف بأهمية تراث مصر القبطي خارج حدوده الإقليمية عبر التاريخ باعتباره تراث كل المصريين، والتأكيد على الدور المحوري الذي يمكن أن يلعبه في مستقبل مصر وقضاياها الإقليمية، بما يجسده الاحترام الكبير لهذا التراث بالدول الأفريقية وخاصة إثيوبيا التي كانت كنيستها الأرثوذكسية حتى وقت قريب تتبع الكنيسة المصرية.

وقال، في تصريحات خاصة للجزيرة نت، إن الاهتمام بالتراث القبطي لا يعني التبشير بالمسيحية لأن التراث واسع ومليء بالعديد من العناصر المهمة التي يشترك فيها المسيحيون والمسلمون على حد سواء، كما أنه بمثابة الجسر الذي يربط بين الحضارة المصرية القديمة التي سبقته، والحضارة الإسلامية التي لحقته، منتقدا في الوقت نفسه عدم اهتمام أي جهة خارج نطاق الكنائس والأديرة بهذا التراث.

من جهته أشار الأنبا مارتيروس -الذي ألقى كلمة الأنبا باخوميوس قائم مقام الكنيسة الأرثوذكسية- إلى العلاقة الوثيقة بين الكنيسة القبطية والكنائس الأفريقية، وأهمية المؤتمر في التأكيد على وحدة الشعوب الأفريقية. وطالب بإنشاء قسم خاص بالدراسات الأفريقية في الجامعات والمعاهد المصرية لدعم لتوطيد العلاقة المتجذرة بين الشعوب الأفريقية.

ولفت إلى الاهتمام الخاص الذي تقدمه الكنيسة المصرية إلى القارة الأفريقية سواء على المستوى الروحي أو التنموي، حيث عملت -وفق مارتيروس- على الوصول لدول المنبع ونشر قيم المسيحية منذ منتصف القرن الرابع الميلادي وقامت بإرسال أساقفة إلى أفريقيا حتى وقت قريب خاصة في إثيوبيا والسودان، مؤكدًا أن إثيوبيا كانت مدخل الكنيسة القبطية لدخول أفريقيا والتعمق فيها وأن الطبيعة الجغرافية لدول المنبع ساعدت على تعزيز وحدة الرأي والترابط لمنفعة الشعوب الأفريقية كلها.

غيدي: التاريخ القبطي والكنيسة المصرية يحظيان بمكانة في تاريخ إثيوبيا(الجزيرة نت)
غيدي: التاريخ القبطي والكنيسة المصرية يحظيان بمكانة في تاريخ إثيوبيا(الجزيرة نت)

تواصل حضاري
وفي سياق متصل، تحدث سفير إثيوبيا في مصر محمود درير غيدي عن التواصل الحضاري والإنساني بين المسلمين والمسيحيين في بلاده قائلا "هناك الكثير من المسلمين الذين يعرفون الإنجيل، والكثير من المسيحيين الذين يعرفون القرآن لأن الشعب الإثيوبي لديه اعتقاد راسخ بأن الكتب السماوية تعود لله".

وأشار إلى أن التاريخ القبطي والكنيسة المصرية يتمتعان بمكانة عريقة في تاريخ إثيوبيا. وأضاف أن الكنيسة الإثيوبية تتميز بأيقوناتها العفوية والجميلة تأثرًا بالكنيسة القبطية، كما أن الترانيم القبطية أثرت تأثيرا كبيرا في الموسيقى التقليدية الإثيوبية بشكل عام.

وتحدثت الباحثة بالدراسات القبطية إيرينى القمص بيشوي عن العلاقة بين الفن الأفريقي باعتباره فنا عالميا مؤثرا، والفن القبطي ذي الأصالة والتاريخ العريق والتأثير القوي على الفنون. ودورهما في توضيح الجزء المكمل الذي يلعبه التعبير الفني في بناء الثقافة وتشكيل الهوية الاجتماعية والتقريب بين الشعوب.

المصدر : الجزيرة