تجديد متحف معهد العالم العربي بباريس

تجدون معه تقريرا عن تجديد متحف معهد العالم العربي بباريس
undefined

 عبد الله بن عالي-باريس
 
فتح معهد العالم العربي بباريس أبواب متحفه بعد عملية تجديد وإثراء لمحتوياته استغرقت ثلاث سنوات. ويرى القائمون على المعهد، الذي رأى النور منذ ربع قرن، أن المتحف الجديد يمثل "بوابة دخول للعالم العربي فريدة من نوعها في الغرب"، حيث تقدم معروضاته "نظرة بانورامية تجمع كل الثقافات التي ولدت وتطورت في الفضاء الجغرافي المكون الآن من 22 دولة تنتمي للجامعة العربية، دون الاقتصار على الحضارة الإسلامية".
 
وقال مدير المجموعات الأثرية بالمعهد أريك ديلبون إن فكرة تحديث المتحف جاءت تلبية لتطلعات الزوار "الذين يأملون، حينما يأتون إلينا، الحصول على معرفة أحسن للعالم العربي أكثر من رغبتهم في مشاهدة بعض القطع ذات الطبيعة الفنية أو الجمالية".

ونوّه الخبير الفرنسي بالطريقة المبتكرة في عرض محتويات المتحف المكونة من 650 قطعة تضم مخطوطات وتماثيل وأدوات منزلية وآلات موسيقية، قائلا "لم نرد اعتماد مقاربة زمنية تبدأ من الألفية الثامنة أو السابعة قبل الميلاد لتروي تعاقب الحضارات في هذه المنطقة من العالم، وإنما اخترنا منهجا يقوم على تحديد خمسة مواضيع ثم إجراء مقابلة لرؤى كل الثقافات لكل موضوع على حدة بغض النظر عن التباين الزماني أو المكاني لتلك الثقافات".

إحدى معروضات متحف معهد العالم العربي في شكله الجديد
إحدى معروضات متحف معهد العالم العربي في شكله الجديد

تراث مشترك
ويمكّن المتحف الجديد الزائر من جولة في فضاء المعرض البالغ 2400 متر مربع موزعة على أربعة طوابق من بناية المعهد. إذ يبدأ من الطابق السابع بمشاهدة موضوع "بلاد العرب، مهد تراث مشترك"، حيث يتمتع برؤية آثار نحتية وتصويرية من اليمن والشام والبحرين تترجم نشأة الهوية العربية والصيرورة التاريخية التي أفضت إلى ميلاد اللغة العربية التي أصبحت الركن الأساسي في تلك الهوية.

وفي الطابق السادس يمكن الاطلاع على تحف تروي علاقة الإنسان بالمقدس وتمثله للآلهة وفقا لكل الثقافات التي عرفتها المنطقة، مما يسمح للمشاهد بالاستمتاع بمقابلة رؤية الديانات التوحيدية الثلاث التي رأت النور في العالم العربي مع تمثلات المعتقدات الوثنية التي سادت في حقب سالفة بالمنطقة.

ويتضمن القسم الثالث من المتحف نظرة تطور المدينة في الفضاء العربي من خلال وظائفها "كمكان للسلطة ولممارسة المعتقد ونقل المعارف وإنتاج وتبادل المنتجات الحرفية وكحيز للحياة"، على حد تعبير دلبون، الذي يرى أن الموضوع الرابع للمتحف المتعلق بـ"التعبير عن الجمال" يظهر أن الإبداع الجمالي "لم يقتصر في العالم العربي على محاكاة الواقع المحيط أو نسخه وإنما استخدم الفضاء والديكور والنسب في العملية الإبداعية الجمالية كما يتجلى ذلك في الخط العربي".

يأمل مدير المتحف أن يجذب المتحف الشباب الفرنسيين من أصول عربية، الذين يمكنهم أن يكتشفوا الثراء الحضاري لأرض آبائهم وأجدادهم وأن يعتزوا به

وقت للحياة
وتنتهي جولة الزائر بمشاهدة موضوع "وقت للحياة" الذي يستعرض العناية بالجسد والاهتمام بالأزياء. إذ تكشف إحدى القطع الأثرية -التي نحتت في منطقة طبرق بليبيا في القرن الرابع قبل الميلاد- أن المرأة كانت ترتدي اللحاف والحجاب قبل ظهور الإسلام.

كما يبرز هذا القسم تطور الموسيقى في الفضاء العربي وعادات كرم الضيافة التي ظلت سائدة، على مر العصور، في هذ المنطقة من العالم.

وبإمكان الزائر خلال جولته بالمتحف أن يستمتع بمشاهدة أفلام وثائقية ترصد كل جوانب الحياة الدينية والفكرية والاجتماعية التي شهدتها مختلف أرجاء العالم العربي. كما يمكنه أيضا الاستماع لتسجيلات صوتية للمعلقات الجاهلية.

ويأمل مدير المجموعات الفنية بمعهد العالم العربي أن يجذب المتحف مزيدا من الزوار، مشددا على أن مؤسسته ترجو جذب الشباب الفرنسيين من أصول عربية "الذين يمكنهم أن يكتشفوا الثراء الحضاري لأرض آبائهم وأجدادهم وأن يعتزوا به".

المصدر : الجزيرة