الرواية المغاربية والبوكر العربية

لأديب محمد الأشعري مؤلف رواية القوس و الفراشة الفائزة بالبوكر
undefined

كمال الرياحي-تونس

 

بينما تستعد تونس لاستضافة حفل الإعلان عن القائمة القصيرة لجوائز البوكر يوم 9  يناير/كانون الثاني، ينظر روائيون بالمغرب العربي بريبة نحو هذه الجائزة التي رأى بعضهم أنها لم تنصف الرواية المغاربية التي تعيش لحظة فارقة في المشهد الروائي العربي والعالمي.
 
وبدت الجائزة الأدبية المهمة لروائيين من المغرب العربي، وقد تبنت النظرة الشرقية على المستوى النقدي ولم تفعل سوى تغذية الصراع المشرقي المغاربي على المستوى الأدبي لتكون الرواية المغاربية ثانوية ضمن ترشيحاتها، ورأى البعض أن الجائزة الأدبية المرموقة تتمتع بالشفافية وأن الرواية المغاربية كانت حاضرة في ترشيحات البوكر في السنوات الأخيرة.
 
‪سمير قسيمي: مدارس النقد المشرقية غير قادرة على استيعاب التجربة السردية المغاربية‬ (الجزيرة)
‪سمير قسيمي: مدارس النقد المشرقية غير قادرة على استيعاب التجربة السردية المغاربية‬ (الجزيرة)

النقد المشرقي 
ويقول الروائي الجزائري سمير قسيمي الذي سبق له أن وصل إلى القائمة الطويلة في دورة سابقة واستغرب نقاد استبعاد روايته "الحالم" في هذه الدورة "إن القائمات الطويلة والقصيرة في الدورات السابقة وحتى طبيعة الفائز بها أثبتت أن البوكر العربية كغيرها من الجوائز العربية الأخرى التي معظمها مشرقي النشأة، ينظر بالفعل إلى الرواية المغاربية كرواية من درجة ثانية".

ويضيف أن الرواية المغاربية لا تحقق انتشارا في الوطن العربي فحسب، بل تمثل الوجه المشرف للرواية العربية في الخارج، من خلال أقلامها مزدوجي اللسان، أو حتى من الأعمال المترجمة إلى لغات أخرى من العربية". ويؤكد صاحب "تصريح بضياع" أن "الأهم هو أن التجربة السردية المتميزة مغاربيا تشكل فرادة.

ويستدرك قسيمي "لكن ظهر جليا أن مدارس النقد المشرقية غير قادرة على استيعابها من باب أنها تجاوزت النمطية المشرقية تجاوزا كاملا، وهو ما يبرر استبعاد الرواية المغاربية في كل دورة".

من جهته يؤكد الروائي الجزائري حبيب السائح رأي القسيمي، ويرى أن "الرواية المغاربية التي تكتب من داخل هذا الفضاء المختلف عنه في المشرق، بحساسية مغاربية، بتجريب تقني يميل إلى الكتابة اللاتينية، من الصعب عليها أن تحدث رجع صدى لدى القائمين على جائزة البوكر، إضافة إلى أن أحد معاييرها غير المعلنة أن يحصل إجماع على الرواية بأنها لا تسيء إلى أي من الثوابت خاصة تلك المكرسة في المجتمعات العربية ذات الأنظمة المحافظة الأمر الذي يمس بأدبية النص وبحرية الكاتب".

وباعتبار أن جائزة البوكر تعد رهانا تجاريا -كما يقول السايح – "فالمسألة ليست ظلما وإنصافا بل مراعاة متطلبات وإستراتيجيات الممول، من هنا فهي رشى للكتابة الأدبية، من حيث موضوعات الكتابة التي تهتم بها، وهو ما يمثل خطرا على الرواية المغاربية إذ تهجنها وتدجنها لتندمج في نسق العولمة".

‪محمد معتصم: الرواية المغاربية قطعت أشواطا كبيرة لم تستوعبها لجان البوكر‬ محمد معتصم: الرواية المغاربية قطعت أشواطا كبيرة لم تستوعبها لجان البوكر (الجزيرة)
‪محمد معتصم: الرواية المغاربية قطعت أشواطا كبيرة لم تستوعبها لجان البوكر‬ محمد معتصم: الرواية المغاربية قطعت أشواطا كبيرة لم تستوعبها لجان البوكر (الجزيرة)

عوامل مختلفة
الروائي الليبي محمد الأصفر لم يكن أقل قسوة على هذه الجائزة بقوله "لكي يتم دخولك للقائمة الطويلة أو القصيرة أو الفوز بالجائزة ينبغي أن تخدمك ثلاثة عوامل وهي: العلاقات الشخصية ودار نشر وذائقة لجنة التحكيم. هي جائزة توزع على الأصدقاء بالدرجة الأولى من كتاب وأصحاب دور نشر شهيرة علاقتهم متينة مع مسؤولي الجائزة بالإضافة إلى ذائقة لجنة التحكيم أو بالأحرى رئيس لجنة التحكيم التي إن تطابقت أجواؤها مع الرواية يسمح لها بدخول القائمة أو الفوز".

وعن الرواية المغاربية يقول الأصفر "إن اختير أي اسم مغاربي فهو عبارة عن مجاملات وعملية تنويع للقائمة لكي لا تقتصر على كتاب معروفين من المشرق، وإن فاز بها مغربي فينبغي أن يكون وزيرا سابقا أو مشهورا وصاحب علاقات جيدة وعضوا في عدة لجان تحكيم أخرى. 

ويضيف صاحب "وزارة الأحلام" أن الجوائز الأدبية في الوطن العربي "تنتقل عموما بين أسماء معينة لها مواصفات وتاريخ مجيد في التملق والإتيكيت. وحتى وإن كان المحكم مغاربيا فلن يسمح لرواية من المغرب العربي بالفوز وسيراعي في النهاية مصالحه التي لن يحققها له سوى المشرق".

ويبدي الناقد المغربي محمد معتصم حيرته من وضع الرواية المغاربية مع البوكر، خاصة أن هذه الدورة تخلو من أي نص مغربي، فيقول "لا أعرف حقيقة هل يوجد الخلل في الهدف أو الأهداف المرسومة لجائزة البوكر في نسختها العربية أو في اللجان التي تنتخب للبت في مصير الروايات المرشحة للجائزة، أي أن ذوقهم الجمالي مختلف تماما عن المناخ السردي الذي تشتغل عليه الرواية المغاربية وفكرتهم عن الرواية تظل مقتصرة عن صلتهم بأسماء كتابها؟".

ويصيف أنه حتى في المرة التي حصل فيها المغرب على الجائزة جاءت مناصفة بين المغربي محمد الأشعري والسعودية رجاء عالم. "هل كان ذلك مقصودا؟ كل النتائج تقول إن المغرب العربي في رأي القائمين على الجائزة لا يستحقها، وهم في ذلك يشهدون على أنفسهم بأنهم يجهلون الكثير عن الأشواط التي قطعتها الرواية المغاربية وعن خصوصياتها أسلوبا وموضوعات ومقاصد". 

‪الحبيب السالمي: في ترشيحات الدورات الخمس الماضية للبوكر لم يغب الروائيون المغاربيون‬ (الجزيرة) 
‪الحبيب السالمي: في ترشيحات الدورات الخمس الماضية للبوكر لم يغب الروائيون المغاربيون‬ (الجزيرة) 

جائزة موضوعية
وخلافا لكل الآراء السابقة يقف الروائي التونسي الحبيب السالمي مدافعا عن البوكر، فيقول "البوكر الآن هي أكثر الجوائز العربية موضوعية ونزاهة، وأنا شخصيا لا أظن أن المحكمين يولون اهتماما لمسألة المغرب والمشرق".

ويضيف صاحب "روائح ماري كلير" أنه "في الدورات الخمس السابقة لم يغب الروائيون المغاربيون عن المراتب الأولى، ففاز بها المغربي محمد الشعري، أما أنا فوصلت مرتين إلى القائمة القصيرة، كما وصل إليها الجزائري بشير مفتي والمغربي بنسالم حميش، وهذا دليل على أن الرواية المغاربية لها حضور في الجائزة".

ويشير السالمي إلى أن الصحافة والأوساط الأدبية في بلدان المغرب العربي لم تول هذا النجاح الاهتمام الذي يستحق كما هو الأمر في مصر أو بلدان المشرق الأخرى، فمشكلة المغاربيين خصوصا التونسيين -كما يقول -هي أنهم يعملون على تهميش بعضهم بعضا.

المصدر : الجزيرة