"يا خيل الله".. سينما في عمق الهامش

French director Nabil Ayouch poses during the photocall for 'Les Chevaux de Dieu' (God's Horses) at the 65th Cannes Film Festival, in Cannes, France, 20 May 2012. The movie is presented in the 'Un Certain Regard' section of the festival, which runs from 16 to 27 May. EPA/IAN LANGSDON
undefined
نزار الفراوي-الرباط
 
ينقل المخرج المغربي نبيل عيوش في فيلمه "يا خيل الله" كاميراه إلى قلب أحد أشهر الأحياء الشعبية بضاحية الدار البيضاء، "حي سيدي مومن" الذي ينحدر منه منفذو هجمات 16 مايو/أيار 2003 بالعاصمة الاقتصادية للمغرب، مقترحا رؤية سينمائية تنطلق من الأرضية والأوضاع التي أنجبت ظاهرة العنف لدى شباب الهامش.

ولئن أصبحت ظاهرة التطرف موضوع صيحة جديدة في سينما بلدان كثيرة، منها المغرب، فإن "يا خيل الله" يشكل محطة مميزة من حيث جرأتها وصدقيتها الفنية التي راهن عليها عيوش، وهو أحد رموز جيل ما بعد الرواد في السينما المغربية، من خلال اختيار أسلوب التصوير الخارجي في المشاهد الطبيعية أولا، وعبر الاعتماد على فريق خاص مكون من فتيان وشباب ينحدرون فعلا من حي سيدي مومن.

وقد اقتبس المخرج الشاب مادة الفيلم من رواية تحمل عنوان "نجوم سيدي مومن" للكاتب والتشكيلي المغربي ماحي بينبين الذي حاول تقديم مقاربة هادئة اجتماعية للدوافع التي أفرزت هجوما إرهابيا أسقط ما كان يسمى في المملكة مفهوم "الاستثناء المغربي".

حركات رشيقة لكاميرا تتسلل بسلاسة إلى قلب الحي الصفيحي على هامش مدينة الأعمال، تنتقل من مشاهد علوية تظهر معها البيوت القصديرية مثل علب كبريت متراصة، إلى مشاهد تفصيلية في صلب بؤس البيوت المأهولة بكائنات عارية تواجه انسداد المصير، وتفتقر إلى نماذج حية للنجاح وتحقيق الذات.

الهم الاجتماعي الذي سيطر على الفيلم يقول عنه صاحبه إنه لا يسعى لتبرير أعمال إرهابية مدانة بل إلى فهم التربة التي ينبت فيها فكر عنيف ناقم على المجتمع

الهم الاجتماعي
يبني الفيلم مادته الدرامية على مسارات أربعة شباب من أبناء الحي البائس، أدى أدوارهم شباب هاو بدون أي تجربة مسرحية أو سينمائية. فبالنسبة للمخرج كان الأهم من التوفر على رصيد معرفي أو تكوين درامي، أنهم يحملون تجربة المعيش اليومي في فضاءات الحي الشهير.

يقتفي سيناريو الفيلم تطور وعيهم بذواتهم وبالمحيط الذي يعيشون فيه، من الطفولة التعيسة إلى الشباب الناقم المحبط، ومن التخبط في عوالم الفقر والجريمة والمخدرات إلى الارتماء في أحضان حركة جهادية تبشر بالجنة القريبة التي يمر دخولها عبر فعل بسيط تقنيا: تفجير مجموعة من أوكار الفساد والرذيلة.

الهم الاجتماعي الذي سيطر على فيلم يقول عنه صاحبه إنه لا يسعى لتبرير أعمال إرهابية مدانة بل إلى فهم التربة التي ينبت فيها فكر عنيف ناقم على المجتمع، يذكر بفيلم سابق للمخرج نبيل عيوش، وهو فيلم "علي زاوا" الذي عالج ظاهرة أطفال الشوارع، وحقق به شهرة واسعة النطاق بالمغرب.

وهذا التوجه لا ينكره المخرج، الذي عرض فيلمه الجديد مؤخرا في إطار المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش الدولي للفيلم، لكن حضور الهم الاجتماعي في الفيلمين لا يحجب الأصالة الإبداعية للعمل وقوته التي خولت له رحلة موفقة عبر المهرجانات الدولية.

ويذكر أن فيلم "يا خيل الله" سبق أن توج بجائزة التحكيم الخاصة في الدورة 27 للمهرجان الدولي للفيلم الفرنكفوني بنامور (بلجيكا)، وجائزة "فرانسوا شالي" من مهرجان كان، والجائزة الكبرى للأسبوع الدولي للسينما ببلد الوليد (إسبانيا)، وجائزة أفضل مخرج عربي في مهرجان الدوحة ترابيكا مؤخرا.

المصدر : الجزيرة