الفنانون الفلسطينيون يكرّمون الزيتون

رسومات من المعرض - الفنانون الفلسطينيون يكرّمون الزيتون - وديع عواودة - الناصرة
undefined

وديع عواودة -الناصرة

"الزيتون في الفن الفلسطيني" عنوان معرض فني فريد تحالف فيه ثمانية عشر فنانا للتعبير عن قدسية وقيمة شجرة الزيتون في المجتمع الفلسطيني.

المعرض الذي افتتح في عمارة السرايا التاريخية في مدينة الناصرة داخل أراضي 48 يشمل عشرات اللوحات الفنية والصور الفوتوغرافية والمنحوتات والأعمال اليدوية.

وتستحوذ شجرة الزيتون على حواس الزائرين فور دخولهم للمعرض فيرون بالفيديو قطف الثمار ويتمتعون برسومات وصور فنية ويستنشقون رائحة الزيت والزيتون والصابون والجفت المعروضة.

وتوضح الباحثة في الثقافة الفلسطينية د. مليحة  مسلماني أن معرض "الزيتون في الفن الفلسطيني" يتمحور حول شجرة الزيتون كدالةّ على هوية الإنسان والأرض وارتباطه المتين بها لكونها القضية الأساسية في الصراع، وهذا ما يرمز له الفنان خليل ريان الذي جعل الزيتونة في لوحته تنزف من جذوعها دما.

الزيتون والصبّار
وتقول في كلمة شاملة مستوحاة من القرآن بعنوان "يكاد زيتها يضيء"  ثبتت في جنبات المعرض، إن الزيتون يحضر إلى جانب الصبّار في أعمال مختلف الأجيال من الفنانين الفلسطينيين منوهة بأنها شجرة ارتبط معها الإنسان الفلسطيني بعلاقة انطوت على أبعاد دينية وثقافية ووطنية.

وتشدّد على أن لعلاقة الفلسطيني بشجرة الزيتون بعدا آخر ارتبط بالأرض والدفاع عنها وبنضاله ضد محاولات التهجير والاقتلاع وتستذكر أن كروم الزيتون شكلّت غطاء وحماية للمقاومين ضد قوات الاحتلال على مدار تاريخ النضال الفلسطيني.
 
وكروم الزيتون جزء من الطبيعة الفلسطينية الجبلية وقد شكلت ملجأ دائما للفلسطيني في حياته ومقاومته كما يتجلى في لوحتي "خيمة عمال متسللين" و"دخول غير قانوني" للرسام أحمد كنعان.
إحدى اللوحات التي عرضت على جدران المعرضالجزيرة)
إحدى اللوحات التي عرضت على جدران المعرضالجزيرة)

موسم القطف
يتناول معرض الزيتون كافة ما يحيط بشجرة الزيتون من فوائد، ومعان وطقوس. الفنانة مريانا منصور تظهر في عمل تلفزيوني يحتضنه المعرض عائلتها خلال قطيف الزيتون فيبدو أفرادها في حالة تماه مع الشجرة التي تمطرهم بثمارها.

وتعبيرا عن قدسيتها تحتوي لوحة للفنان طالب دويك أطفالا يتسلقون الشجرة المضيئة كشجرة عيد الميلاد.

وفي لوحة أخرى له تعانق الزيتونة الصخرة وكنائس القدس ومشاهد ريفية تزدان بنساء يرتدين زيا فلسطينيا وهن يحملن طباق الثمار على رؤوسهن.

وهذا ما ينعكس أيضا في لوحة للفنان حسن طوافرة حيث تقود السيدات عملية قطف الزيتون الذي يبدأ في مثل هذه الأيام.

المرأة والأم
كذلك يبرز الدور الريادي للنساء في لوحة أخرى لطوافرة وهن يحملن أطباق الفاكهة والقهوة والماء وفي الخلفية تحلق طيور الحمام رمز الحياة الهادئة الوادعة في الريف في حين يرمز غصن الزيتون وهو في منقار حمامة للسلام.

طوافرة المهجّر من مدينة طبرية منذ نكبة 1948 الذي يقيم اليوم في قرية المغار المجاورة يقول للجزيرة نت إن قصة حب تربط بينه وبين شجرة الزيتون التي تستحوذ على الكثير من أعماله معتبرا إياها لوحة بحد ذاتها.

ويشير طوافرة الذي يمارس الرسم منذ أربعة عقود إلى أنها رمز للقوة والبقاء والصمود.

أصلها ثابت
وتتجلى الرابطة العضوية بين شجرة الزيتون وبين الأرض وصاحبها في أعمال الرسامة ختام هيبي التي تجعل من جذوعها أجسادا بشرية سعيدة فوق ترابها.

كما تستوحي هيبي إبداعها وتعبيرها عن رمزية الصمود في الزيتونة من الآية القرآنية "كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء".

الرسامة ختام هيبي بجانب إحدى لوحاتهاالجزيرة نت)
الرسامة ختام هيبي بجانب إحدى لوحاتهاالجزيرة نت)

وترتقي الجدلية الوجدانية بين شجرة الزيتون وأصحاب الأرض في لوحة للفنانة أحلام الفقيه فتظهر على شكل مدينة نصفها العلوي من الأغصان، يقوم نصفها الأسفل على امرأة جدائلها وفستانها من أوراق الزيتون وقلبها قبة الصخرة الذهبية.

وفي أعمال نبيل عناني تصطف شجرات الزيتون كأنها جنود حماة للديار وفي لوحة أخرى يزاوج بين الزيتون وبين المرأة مجازا فنيا عن كون الأم هي الأرض.

رسم تجريدي
وذهب فنانون آخرون لتجريد شجرة الزيتون في أعمالهم فتبدو كالغيمة تارة يتفيأ إنسان وحيوان بظلالها كما فعل الفنان كريم أبو شقرا.

واستفاد الفنانون الفلسطينيون من ثراء شجرة الزيتون ووفرة فوائدها ووظفوها في نتاجاتهم فيقوم النحات عبد الله نقولا بصنع طيور وأدوات عزف وعازفين ومنحوتات متقنة وجميلة من جذوع الزيتون.

ويؤكد منظم المعرض الفنان أحمد كنعان للجزيرة نت أن هذا المعرض يتميز باختصاصه بالزيتون فقط تكريما لكل ما تمثله الشجرة المباركة لافتا إلى اشتراك فنانين من كل الأعمار ومن كل فلسطين عدا غزة نتيجة الحصار المضروب عليها.

وقال إن شجرة الزيتون مصدر إلهام هذا المعرض لكونها معمرة وباقية لافتا إلى أن الغزاة المتعاقبين على فلسطين رحلوا وبقيت كروم الزيتون التي تزداد حلاوة كلما تقدمت بها الأيام.

كما نوه بقيمتها الغذائية، كما هي سنابل القمح، فهي كالأم تطعم أبناءها من ثمارها وتضيء دربهم بزيتها المميز بلونه الأخضر وبمذاقه الشهي.

وأكد أن للمعرض قيمة فنية وثقافية ورسالة تروية مشيرا إلى تجسيد الهوية الفلسطينية بشجرة الزيتون التي تختزل تاريخ البلاد وهي كالأم تجمع كل أبنائها بأفيائها.

المصدر : الجزيرة