ملامح الصوفية في الخليج

غلاف كتاب التصوف فى الخليج الصادر مؤخرا عن مركز المسبار لعدد من الباحثين

غلاف كتاب التصوف في الخليج الصادر عن مركز المسبار (الجزيرة نت)

شرين يونس-أبو ظبي

أصدر مركز المسبار كتابه لشهر أغسطس/آب، تحت عنوان "التصوف في الخليج"، ويحاول الكتاب رسم ملامح الصوفية في الخليج، وتتبع جذور التصوف ومنابعه وتحولاته ومدى تأثير المتغيرات السياسية العربية والعالمية على التصوف.

ويوثق الكتاب لتاريخ بقي شبه خجول وغامض في جوانب كثيرة منه، وهي مشكلة واجهت معظم الباحثين المشاركين في الكتاب -بحسب إشاراتهم- نظرا لندرة المصادر حول الصوفية في الخليج، واعتمادها في الأساس على رواية من تبقى من رموز التصوف.

لم يكتب للطريقة العلوية الحدادية أن تستمر طويلا في ساحل عمان، بسبب امتداد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، واعتناق القواسم المذهب الوهابي

جذور التصوف
تتناول أولى أبحاث الكتاب جذور التصوف على ساحل عمان –الإمارات العربية المتحدة حاليا- التي تعود إلى القرن السابع عشر الميلادي، بفضل المتصوفة الحضارمة الذين جاؤوا إلى منطقة الصير –رأس الخيمة حاليا- حاملين الطريقة العلوية الحدادية، كما ظهرت الطريقة القادرية بدبي أواخر القرن التاسع عشر.

وفي حين لم يكتب للتجربة العلوية الحدادية أن تستمر طويلا، بسبب امتداد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب واعتناق القواسم لها، بقي التصوف بدبي إلى يومنا هذا.

وامتاز نموذج تصوف دبي بعلاقة الشيخ بمريديه الاجتماعية، وبأنه لم ينكفئ على نفسه في حياة الزهد والورع وحلقات الذكر فقط، لكن التصوف هناك يشهد في الوقت الحالي تحديا على الساحة الدينية بعد موت أحد أبرز آبائه وهو الشيخ عبد الرحيم المريد عام 2007، رغم مواظبة بعض العائلات على إحياء بعض المناسبات.

التصوف بالسعودية
وتناول الكتاب التصوف في السعودية من خلال عدة أبحاث، يستعرض في أولها الباحث إبراهيم طالع الألمعي تاريخ التصوف في عسير والمخلاف السليماني، ذاكرا أن جزيرة العرب لم تكن في عمومها منبعا صالحا للتصوف ولا للفلسفات، نظرًا لطبيعتها الجغرافية الكلاسيكية بين الصحراء وجبال السروات التي لا تسمح بأجواء التجمع البشري، وبالتالي الإبداع الفكري والثقافي.

أما إقليم تهامة فيعتبر الوحيد الصالح نوعا ما في جزيرة العرب لتكون حالة الثقافة بشكل حسي بما يتناسب مع طقسها وطبيعتها، وبالتالي أصبح الإقليم منبعا للتصوف الإسلامي.

بحثان آخران عن التصوف في السعودية، وردا في الكتاب بعنوان "الصوفية والمجالس العلمية في الحجاز الحديث" و"الصوفية السعودية وإعادة تشكيلاتها في الداخل". وأرجع البحث الأول نشأة الصوفية في الحجاز إلى الانسجام مع بنية مدن المشرق، التي انتشرت بها الزوايا، واستمرت حتى مطلع القرن العشرين، حيث لعبت دورا هاما في تنظيم شؤون الناس.

يضاف إلى ذلك ما شهده العصر العثماني من تحسن الأوضاع المعيشية والاقتصادية وإصدار قوانين التنظيمات العثمانية للأراضي والأوقاف منتصف القرن التاسع عشر، فانتشرت الطرق والزوايا في الحجاز.

لكنها بدأت تنحسر مع التحولات الثقافية والتبدل القيمي الذي تبلور في شكل أجهزة الدولة الحديثة، وكذلك نتيجة اتباع الدولة السعودية المنهج السلفي ذي التعاليم الإصلاحية الصارمة والمتصادمة في جوهرها مع المظاهر الصوفية والطرقية.

البحرين والكويت تتشابهان في أصالة الصوفية وانتشارها فيهما، وإن كان الغالب في الكويت هو التصوف الفردي على خلاف التصوف الطرقي، الذي انتشر في البحرين

البحرين والكويت
وتتشابه البحرين والكويت في أصالة الصوفية وانتشارها فيهما، وإن كان الغالب في الكويت هو التصوف الفردي على خلاف التصوف الطرقي الذي انتشر في البحرين.

وفي كلا البلدين تلعب الصوفية دور الوسطية بين السلفية والشيعية، وإن جوبهت بنفور وتنافس من قبل السلفيين والإخوان المسلمين، بينما تبدو العلاقة بين المتصوفة والشيعة أقل توترا، يلطفها تعاطف متبادل يعلله الفريقان بنضالهما ضد الطائفية.

ويقدم الكتاب شهادة لمنصور النقيدان تعرض لجوانب من التصوف لمن عرفهم أو روى عنهم من "إخوان بريدة"، وهم من أتباع مدرسة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ليؤكد توغل بعض قيم التصوف عند السلفيين.

ويروي الباحث أنه رغم رفض إخوان بريدة الطرق والزوايا وتحضير الأرواح وادعاء الصوفيين لمخاطبة الرسول وتخفيفهم للشرائع ببلوغ السالك مراتب متقدمة من الإحسان والقرب من الله، فقد كانت سير المتصوفة وتفاصيل حياتهم وبعض ما ينقل عنهم من قصص وكرامات وحكم وقصص غريبة لها تأثير ووقع حسن لديهم.

المصدر : الجزيرة