فلسطيني يجسد الوقائع بالنحت

الفنان الخطيب ومشغولاته

الفنان نعيم الخطيب مع مشغولاته (الجزيرة)

عوض الرجوب-الخليل

يُسخِّر الفلسطينيون كل ما يتوفر لهم من إمكانيات لنقل معاناتهم وآمالهم وآلامهم إلى العالم، لكن أحدهم طرق بابا آخر لنقل هذه الصورة إلى الأجيال القادمة وربما لمئات السنين، وذلك باستخدامه فن النحت على الصخور أو تشكيل المجسمات من الإسمنت لتجسيد الوقائع.

ويتلقف المهندس نعيم الخطيب، التجارب والأحداث والأمثال والصور الصحفية الهامة والمؤثرة ليشكل بها لوحة فنية تحمل أكثر من رسالة، على أمل أن يَنقل إلى المستقبل صورة عن حياة الفلسطينيين وواقعهم أوائل القرن الحادي والعشرين.

وتجسد المنحوتات والمشغولات المعروضة في متحف خاص به في بلدة دورا، جنوبي الخليل، أحداثا محلية وعالمية، وصورا صحفية، وأمثالا شعبية وأشكال الحياة اليومية وغيرها.


undefinedسعادة وألم
يقول نعيم -وهو شقيق الشاعر الفلسطيني الراحل يوسف الخطيب- إن فكرة النحت والتجسيد وجدت لديه بعد عودته من رحلة طويلة مع التجارة في الخارج وخاصة السعودية، حيث توجه إلى النحت والمشغولات اليدوية للتعبير عن ما يجول في وجدانه وما يعايشه من أحداث.

ويضيف أن الأفكار تتولد لديه فجأة كلما ازداد تفاعله مع الأحداث إيجابا أو سلبا، مضيفا أن أكثر الأحداث إيلاما وسعادة هي الأوفر حظا بتجسيدها في مجسمات أو منحوتات تعبر عن الرسائل التي يريدها.

وعن هذا اللون من الفن كأداة للتعبير، قال إنه يستطيع من خلاله إيصال أكثر من رسالة في آن واحد وفي أكثر من اتجاه للمنحوتة الواحدة، إضافة إلى كونه قابلا للنقل للعالم والأجيال القادمة دون اشتراط فهم اللغة.

ولا يخفي الخطيب رغبته في أن تُحفظ منحوتاته لآلاف السنين القادمة، على غرار الآثار التي يعثر عليها من العصور القديمة، لكن مختصين يشيرون إلى أن العمر الافتراضي للمواد المستخدمة في المشغولات وخاصة الإسمنت قصير، وقد لا يزيد عن مائة عام، إلا إذا عولجت بمواد تطيل عمرها.

أما عن تفاعل المجتمع المحلي مع رسوماته، فقال إنه لاحظ اهتماما وفضولا لدى زواره لمعرفة المزيد عن الرسومات ومعانيها الظاهرة والخفية، مشيرا إلى حرص الكثيرين على الاستفسار عن بعض المشغولات، ومفاجأتهم بالمعاني غير الظاهرة لها.

ويشير أخيرا إلى حرصه على تجنب التدقيق في رسم ذوي الأرواح، لافتا إلى الاكتفاء بالمظاهر العامة لإتمام رسالته.


undefinedمصدر الإلهام
تعد الأحداث اليومية، والأمثال الشعبية والتراث الفلسطيني أهم مصدر لأفكار الخطيب التي يحولها إلى مجسمات، فمن الأحداث البارزة هناك مجسم لسفينة مرمرة التركية غارقة بالدماء بعد أن ارتكبت إسرائيل مجزرة على متنها، ومجسم آخر لحادثة دهس أطفال فلسطينيين من قبل مستوطن في مدينة القدس.

وفي معرض الخطيب أيضا مجسم لصورة السيدة الفلسطينية التي تحتضن شجرة الزيتون بعد أن اقتلعها الاحتلال، وآخر للمسجد الأقصى والأنفاق أسفله ومحاولات الاحتلال هدمه بزعم وجود الهيكل أسفله، ومجسم لطريق النصر المعبد بالآلام والشهادة والأسر والقيود وغيرها.

أما عن الأمثال فقد استعان الفنان الفلسطيني بكثير من الأمثال الشعبية ذات الدلالات والحكم ومنها: "طعنة في الظهر" وتأثيراتها خاصة إذا كانت من قريب أو عزيز، و "من جد وجد ومن سار على الدرب وصل" و "كان في الجرة وطلع برة" كناية عن الانكشاف والافتضاح.

من جهته يشير الفنان التشكيلي يوسف كتلو إلى تأثير الواقع السياسي الذي يعيشه الفلسطينيون على مشغولاتهم، مشيرا إلى أهمية هذا النوع من الفن في توثيق الوقائع ونلقها بسهولة للخارج، خاصة مع استخدام رموز عالمية مثل القيد.

وأضاف أن الواقع السياسي الفلسطيني مصدر لكثير من الإبداعات الفنية حيث بات هذا الواقع جزءا من حياة الناس ومأكلهم ومشربهم.

المصدر : الجزيرة