"أين ودني" فيلم يلمع صورة السلفيين

الصورة لشباب سلفي يحمل لافته كوميدية لجروب سلفيو كوستا والرابط للفيلم

شابان سلفيان يحملان لافته كوميدية لغروب "سلفيو كوستا" (الجزيرة نت)

محمود جمعة-القاهرة

دشن نشطاء سلفيون في مصر حملة مبتكرة للرد على الاتهامات التي يواجهها التيار السلفي بالتطرف ومعاداة الآخر، شملت إنشاء مجموعات (غروبات) شبابية على فيسبوك وإنتاج فيلم قصير، اعتمدت في إيقاعها على اللغة الحديثة والحديث الصريح عن سلبيات السلفيين وتوضيح دورهم الدعوي والاجتماعي.

ويتهم السلفيون وشيوخهم بأنهم حرموا التظاهرات التي أسقطت نظام مبارك بدعوى أنها خروج على الحاكم، لكن شبابا سلفيين شاركوا بالمخالفة لآراء علمائهم، كما تتهم قوى ليبرالية التيار السلفي بمحاولة فرض رؤيته "المتشددة" للدولة الإسلامية، كما ربطت تقارير إعلامية بين السلفيين وبعض الحوادث الطائفية بعد الثورة.

وبعد أيام من سقوط نظام مبارك، دشن سلفيون غروب "أنا سلفي ومش حخطف حد النهاردة" فانضم له آلاف الأعضاء، الذي يتعرض بطريقة ساخرة للاتهامات "المغلوطة" والصورة النمطية للسلفيين، لكن مراقبين أخذوا على التجربة أن غالبية أعضاء المجموعة (غروب) من السلفيين أنفسهم.

كما أسس نشطاء سلفيون غروب "سلفيو كوستا" نسبة إلى سلسة المقاهي الشهيرة، وقالوا إن الهدف الأساسي لمجموعتهم هو تواصل السلفيين مع غيرهم من التيارات الفكرية والسياسية، وتتميز هذه المجموعة بالجرأة في الحديث عن سلبيات السلفيين والابتكار في طرق التواصل مع غيرهم حتى من الأقباط.


undefinedولجأت هذه المجموعة إلى إحدى أكثر الوسائل التي يحرمها السلفيون وهي السينما للتعريف بالتيار السلفي وتصحيح الصورة الذهنية عنه، إذ أنتجوا فيلما قصيرا بعنوان "أين ودني" وشاركوا بالتمثيل به، وهو يتعرض لموضوعين أساسيين، الأول عن رؤية السلفيين والليبراليين بعضهم لبعض، والآخر محاولة للتأكيد بأن سلفيين شاركوا بالثورة والتظاهرات بالمخالفة لرأي مشايخهم
.

بدون موسيقى
الفيلم اختير اسمه للتهكم على حادثة قطع أذن أحد الأقباط بصعيد مصر، التي أتهم فيها احد السلفيين ثم برئ بعد ذلك، ويمتد الفيلم لـ12 دقيقة وتسبقه عبارة "بدون موسيقى" ولا تظهر به نساء يحكي تعرف أحد الشبان السلفيين على آخر ليبرالي في تظاهرات ميدان التحرير، والشك المتبادل بينهما في تفسير أفعالهما، ليكشف أن جزءا كبيرا من هذه الشكوك مجرد هواجس لدى الطرفين.

وينتقل الفيلم إلى حوار بين شابين سلفيين أحدهما قرر المشاركة بالثورة رغم فتاوى علماء السلفيين بتحريم التظاهرات، والآخر التزم رأي العلماء، لكنه يكتشف في نهاية المطاف أن ثمة آراء من علماء الإسلام قديما أجازت الخروج على الحاكم الظالم، فيقرر المشاركة لكنه يتفاجأ بخطاب عمر سليمان النائب السابق لرئيس الجمهورية الذي يعلن فيه تخلي مبارك عن الحكم فيصاب بالندم والحسرة.

نقد ذاتي
ويقول محمد طلبة مؤسس "غروب سلفيو كوستا" للجزيرة نت إن الفيلم محاولة للتواصل مع الآخر سواء كان سلفيا يشعر بالعزلة تجاه المجتمع أو غير سلفي يتملكه التوجس من السلفيين، وأوضح أن الفيلم اعتمد الأسلوب الكوميدي ليكون أقرب في الفهم، كما اعتمد اللغة الشبابية الدارجة بمصطلحاتها المتداولة ليكون أقرب إلى عقول الشباب.

الهدف من "الغروب" والفيلم ليس دعويا إنما الهدف حواري لكسر حاجز العزلة الذي فرض حول السلفيين إما لأسباب أمنية أو لتوجس المجتمع منهم

ويضيف أنهم مجموعة من شباب السلف الذين شاركوا بالثورة منذ اليوم الأول واقتنعوا بأن أدلة المشايخ لعدم المشاركة "غير مقنعة"، لكنهم فوجئوا بعد الثورة باستمرار الصورة والمعاملة السلبية لكل السلفيين، كما فوجئوا بصعوبة قبول مشايخ السلفية للحوار معهم حول ضرورة تغيير الخطاب -دون تنازلات شرعية- بما يتناسب مع المرحلة الجديدة وحاولوا مقابلتهم "لكن المحيطين بالشيوخ حالوا دون تواصلهم معهم".

ومعظم أعضاء المجموعة من المتعلمين وأصحاب الدخول المرتفعة، وهم قرروا البدء بأقرانهم، وصولا إلى الشريحة الكبرى من السلفيين من أبناء الطبقة المتوسطة والفقراء، عبر مشاريع للتنمية البشرية والسياسية.. لكنهم يقرون برفض شريحة كبيرة من السلفيين الذين يسمونهم "السلفيين الكلاسيكيين" لأفكارهم، وأن بعض هؤلاء (الرافضين) يشككون بانتمائهم للسلف وبعضهم الآخر وصل إلى حد التشكيك بانتمائهم للإسلام.

ويضيف طلبة أن الهدف من "الغروب" والفيلم ليس دعويا وإنما الهدف حواري لكسر حاجز العزلة الذي فرض حول السلفيين إما لأسباب أمنية أو لتوجس المجتمع منهم، مشيرا إلى سلسلة لقاءات عقدوها مع شباب ليبراليين واشتراكيين تبادلوا معهم الحوار، واكتشفوا معهم وجود نقاط اتفاق كثيرة بينهم.

روح الثورة
وقال محمد مرسي أحد المسؤولين عن غروب "سلقيو كوستا" للجزيرة نت إن فيلم "أين ودني" يعد باكورة إنتاجهم الذي من المقرر أن يستمر ليشمل عددا كبيرا من الأفلام في الفترة المقبلة، التي تأتي جزءا من مبادرة تهدف إلى تدشين حوار مجتمعي واسع حول القضايا التي أثيرت بشأن السلفيين في الفترة الأخيرة.

وأضاف مرسي، وهو شاب سلفي في مجال الإعداد التلفزيوني، أن "سلفيو كوستا" يمثل دعوة للتعايش مع كل المخالفين، وأنه يضم كل الأفكار من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، في جو من الدعابة والمرح. وأشار إلى أن هؤلاء النشطاء أنشؤوا أيضا "غروبا" آخر باسم "سلفيات كوستا" يتضمن حوارا أوسع للفتيات والسيدات على فيسبوك ويحمل نفس أهداف "الغروب" الأول.

المصدر : الجزيرة