شاكيرا.. الدم وعناق العدو

r_Colombian pop star and the United Nations Children's Fund (UNICEF) ambassador, Shakira (L) hugs Israel's president Shimon Peres during their joint news conference at the 3rd

تناست شاكيرا أن الرئيس الإسرائيلي متهم في موطنها الأصلي باقتراف مجزرة قانا (رويترز)

محمود منير

صاحت شاكيرا في حفلها الأول الذي أقيم في لبنان منذ شهر: "تذكري بيروت؛ الليلة كلّي لك"، غير أن محبتها لجذورها اللبنانية لم تحل دون زيارتها إلى إسرائيل أمس الأول لتضع حدا لإشاعات نُسجت عن عداء المطربة الكولومبية للدولة التي قامت بمجازر قانا والنبطية والخيام في عام 2006.

صورة الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز وهو يعانق شاكيرا ويصفها بـ"رسول السلام"، غطّت على صورة أخرى نشرتها وسائل الإعلام العالمية، وهي تحمل العلم اللبناني وسط احتفال 18 ألفا من "أبناء جلدتها" بها أواخر الشهر الفائت.

"رسول السلام" تزور عدداً من مدارس تل أبيب، التي تضم طلاباً فلسطينيين وإسرائيليين، بصفتها مؤسسة ورئيسة لمؤسسة "الأقدام الحافية"، المنظمة الأميركية غير الحكومية المعنية بتوفير حقوق الأطفال في التعليم.

النجمة الكولومبية -اللبنانية الأصل- شاكيرا اعتبرت التعليم في إسرائيل أنه يمتلك الإستراتيجية الأفضل لتحقيق الاستقرار والسلام في العالم، متغافلة عن ما يتعرض له مليون وربع المليون عربي من التمييز في بلد يرغب قادته أن يُعامل بوصفه "دولة يهودية".

راية الكرامة والديمقراطية من بيريز جلبت السعادة أيضاً لشاكيرا، ولأنها "في إسرائيل أم الحضارات والروحانية منذ زمن"، على حد تعبيرها. هكذا بكل صفاقة ناسية أو متناسية أن إسرائيل كيان استيطاني أنشأته اتفاقيات التقسيم الاستعماري، وأن لا جذور حضارية أو تاريخية لهذه الدولة.


شاكيرا وهي تحمل علم موطنها الأصلي في مايو/أيار بالعاصمة اللبنانية (الأوروبية-أرشيف)شاكيرا وهي تحمل علم موطنها الأصلي في مايو/أيار بالعاصمة اللبنانية (الأوروبية-أرشيف)
شاكيرا وهي تحمل علم موطنها الأصلي في مايو/أيار بالعاصمة اللبنانية (الأوروبية-أرشيف)شاكيرا وهي تحمل علم موطنها الأصلي في مايو/أيار بالعاصمة اللبنانية (الأوروبية-أرشيف)

الإرهاب والحضارة
مساعي مطربة البوب الكولومبية في نزع تهمة "الإرهاب" عن مضيفيها لتعارضها مع "الحضارة" و"الروح" في آن، حرّكت مشاعر بيريز معبراً عن "استمتاعه" بأغنيتها "حول أفريقيا"، وأوعز لطفلة أن تهدي الفنانة عقداً يعود لثمانية أجيال سابقة.

محاولة نزع صفة "العنصرية" عن "إسرائيل" استلزم رداً للجميل من قبل رئيسها -الذي كان قد منح الأوامر للطيران الإسرائيلي للقيام بمجزرة قانا الأولى بلبنان عام 1996- قائلا أمام المطربة الشابة "شاكيرا سفيرة لمن يحملون راية الكرامة والديمقراطية والوحدة".

لم تعترض شاكيرا على "هدية" بيريز و"مشاعره المتحركة"، وأن يتفاعل مع أغانيها حول "أطفال أفريقيا" ولا يكترث لـ"قتل" أطفال لبنانيين وفلسطينيين.

شاكيرا رافقت صديقها جيرارد بيكيو، لاعب فريق برشلونة الإسباني في مشاركتها في افتتاح الدورة الثالثة من مؤتمر "مواجهة الغد- 2011" بدعوة من بيريز، ولم تلق بالاً لنداء وجهه مجموعة من النشطاء على فيسبوك: "لا تتنكّري لجذورك.. وقفي مع شعبك".

"مواجهة الغد" خلص إلى توقيع مؤسسة شمعون بيريز الخيرية اتفاقيتين مع مؤسستي "برشلونة" و"الأقدام الحافية" التابعة لشاكيرا، لتعزيز دور التعليم وتأهيل الأطفال على بعض القيم مثل الرياضة.


undefinedرؤى متناقضة
التناقض في رؤية شاكيرا لم يكن بعيداً عن تناقض مؤسسة نادي "برشلونة" التي تدين "التمييز" ضد الكاتالونيين، في إسبانيا، ولا تلحظ ما يمارس ضد الفلسطينيين من سياسات تمييزية.

"على العالم العمل كفريق واحد للفوز في مباراة التمييز العنصري"، عبارة أخرى متناقضة أطلقتها شاكيرا من إسرائيل التي تواجه مئات حملات المقاطعة الاقتصادية والثقافية لها في الغرب بسبب "عنصريتها"، كما يراها ناشطون أوروبيون وأميركيون.

صفحة أخرى على فيسبوك طالبت شاكيرا بالمقاطعة الثقافية لإسرائيل، وحملت عنوان "شاكيرا، قولي لا للأبارتهايد (الفصل العنصري) ونعم لحريّة فلسطين". وقد ضمّت رسائل قصيرة ومقاطع فيديو ونماذج من ممارسات إسرائيل ضد الفلسطينيين على مر التاريخ.

شاكيرا لم تأبه بتلك النداءات، واكتفت باحتفاء الصحف الإسرائيلية بها، ووقفت بسكينة أمام "حائط المبكى"، المعلم المقدّس لدى اليهود في القدس المحتلة، وقامت كذلك بحذف كل التعليقات التي انتقدت زيارتها من صفحتها على فيسبوك.

وفي مقابل ردود لبنانية خجولة على زيارة "ابنتهم" إلى أرض عدوهم، فقد انطلقت حملة مقاطعة لها قادها نشطاء مصريون مطالبين عبر شبكة الإنترنت إلغاء حفلة شاكيرا المقرّرة في مصر ليلة التاسع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

المصدر : الجزيرة