بالزجل.. فلسطينيون ينشدون أرضهم

قرية زواتا غرب نابلس واراضيها يوظهر بالاعلى الطريق الالتفافي الذي تقيمه اسرائيل وتسيطر على الف دونم من اراضي من خلاله- الجزيرة نت

قرية زواتا غرب نابلس ويظهر في أعلى الصورة الطريق الالتفافي الذي تقيمه إسرائيل  (الجزيرة نت)

                                         عاطف دغلس-نابلس
"الصوانة" اسم لأرض فلسطينية من أراضي قرية زواتا غرب نابلس بشمال الضفة الغربية، اتخذ الثوار الفلسطينيون منها معقلا لهم لصد هجمات المحتلين الإنجليز، واستخدم المقاومون الفلسطينيون حجارتها الصوانية لرشق جنود الاحتلال خلال الانتفاضة الأولى.

هذا جزء يسير من حكاية أرض "الصوانة" أراد به الشاب الفلسطيني والناشط الاجتماعي ماهر صالح من قرية زواتا تخليد اسم هذه الأرض وأكثر من 115 اسما آخر من أراضي قريته، في خطوة منه للحفاظ على ما بقي منها، ولا سيما في ظل الاستهداف الإسرائيلي المستمر للأرض الفلسطينية.

واختار الناشط ماهر صالح طريقة مختلفة للحفاظ على تلك الأراضي بأسمائها الأصلية، عبر تلحينها ومن ثم التغني بها في قالب زجلي فلسطيني.

وفي حديثه للجزيرة نت قال ماهر صالح إن الفكرة خطرت بباله قبل عدة أشهر، حيث استطاع جمع أسماء كل أراضي قريته في غضون ثلاثة أشهر، واختار ذكرى يوم الأرض الفلسطينية مناسبة لإطلاق عمله الفني.

الناشط ماهر صالح استمر ثلاثة أشهر في جمع أسماء الأراضي وحكاياتها (الجزيرة نت) 
الناشط ماهر صالح استمر ثلاثة أشهر في جمع أسماء الأراضي وحكاياتها (الجزيرة نت) 

الأسماء تراث
وأشار صالح إلى أن هذه الأراضي حملت مسميات تراثية في حد ذاتها، وأن الحفاظ على تلك المسميات جزء من الحفاظ على الثقافة الفلسطينية، خاصة في ظل عمليات التهويد الإسرائيلي للأرض الفلسطينية وتهويد مسمياتها.

ولفت إلى أن إسرائيل سيطرت عبر "طريق التفافي" بطول ستة كيلومترات يصل بين معسكراتها على أكثر من ألف دونم (الدونم= ألف متر مربع) من أراضي القرية. 

ورفض أن تبقى أسماء هذه الأراضي على شكل أرقام بالسجلات المدنية في الدوائر الرسمية، حتى إنها أصبحت تعرف كل قطعة أرض برقمها "بدلا من اسمها الحقيقي"، مشيرا إلى أن هذا ما دفعه للقيام بهذا العمل.

كما عمل صالح وآخرون على إيصال رسالة للجيل الفلسطيني الناشئ بأهمية هذه الأرض وأهمية الحفاظ عليها وعلى اسمها كذلك، "لا سيما أن الكبار في السن من أجدادنا وآبائنا وافتهم المنية".

ولم يكتف صالح بجمع أسماء تلك الأراضي فحسب، بل تناول كل حكاية وقصة رُويت عن أي أرض وسبب تسميتها، وأي واقعة دارت عليها، وماذا كانت وماذا حل بها الآن، خاصة أن جزءا كبيرا منها سيطرت عليه إسرائيل واستخدمته "لأغراض عسكرية"، حارمة أصحابها من الوصول إليها.

وكان أمر البحث عن كبار بالسن في قريته والوصول إليهم والاستماع إلى رواياتهم إحدى أهم المشاكل والصعوبات التي واجهت ماهر صالح، حيث لم يعتمد على الاستماع فقط بل قام بزيارة الأرض والتحقق منها وتصويرها كذلك.

وأمل صالح أن يوفق في عمل فيديو كليب أوسع يشمل فكرته كاملة من الصور والأسماء وغير ذلك، إضافة لعمل "معجم فلسطيني" يختص بأسماء الأراضي الفلسطينية ومعانيها.

الزجالان صهيب الجماعيني يمينا وأحمد خريوش يسارا (الجزيرة نت)
الزجالان صهيب الجماعيني يمينا وأحمد خريوش يسارا (الجزيرة نت)

بالفن نوثق
أما الشاب أحمد خريوش وهو زجال فلسطيني فقال إنه أعجب بفكرة زميله صالح كثيرا، وعمل هو وصديقه الزجال صهيب الجماعيني على تأليف كلمات هذه الأغنية التي حملت اسم "زجل أراضي زواتا" باستخدام تلك الأسماء وبلحن زجلي جميل.

ولفت خريوش إلى أنهما حاولا إشباع كلمات الأغنية بما تحويه تلك الأراضي من عيون وينابيع للمياه، إضافة لأشجار الزيتون والنخيل وغيرها، حتى إنهم أضافوا وصفا لبعض الأراضي بكل مستجداتها من مبان عمرانية وغيرها، "لوضع المستمع بالجو الحقيقي".

ومنها:
 رح نبدأ باسم الرحمن
نوثق حروف الزمان
اللي باسم الأرض بتنصان
أو بتضل بعز ووقار
يا أرضي أرض الأجداد
وأرض الآباء الأمجاد
رح تذكركي حروف الضاد
تتكوني إلنا  تذكار

وأكد خريوش أن شغفهم بأرضهم الفلسطينية وانتماءهم لها، وحبهم للزجل وطرقه المختلفة كان دافعا لإنجاز هذا العمل، إضافة لمساعيهم بتوثيق هذه الأسماء والحفاظ عليها أمام عمليات المصادرة والاستيطان الإسرائيلية.

وهدف خريوش وزميله للصعود إلى سلم الاحترافية بفن الزجل الفلسطيني، حيث يعد هذا العمل الأوسع لهما منذ انطلاقهما قبل عدة سنوات.

وينوي الزجالان الفلسطينيان تطوير تلك الفكرة وتوسيعها لتشمل الأراضي الفلسطينية التي صادرها الجدار الإسرائيلي، وتناول موضوعات أخرى تتعلق بواقع التراث والثقافة الفلسطينية، خاصة تلك التي يحاول الاحتلال تهويدها.

وأجمع معدو هذا العمل على أن اختيارهم هذه الطريقة لتوثيق أسماء الأراضي والحفاظ عليها، جاء لاستنهاض مشاعر الشبان والأجيال الصغيرة بصورة فنية جميلة تلقى اهتماما لدى الفلسطينيين، "ولأن أسماء هذه الأراضي هي تراث بحد ذاتها وتتناسب مع هذا اللون من الغناء".

المصدر : الجزيرة