ثورات العرب بعيون شعراء أوروبا
فالغليان الشعبي يبرز على السطح، وهو ما دفعنا في الجزيرة نت إلى استطلاع آراء عدد من شعراء أوروبا حيال هذه الاحتجاجات الشعبية التي تجتاح العالم العربي، بعد نجاح ثورتي مصر وتونس: كيف يرى الشعراء الأوروبيون هذا الغليان العربي، كيف يتناولونه وإلى أي مدى يعون أسبابه وتأثيراته على المدى القريب؟
الشاعر الفرنسي ستيفان شوميه أعرب في البداية عن دهشته من تسارع وقائع الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها العديد من المدن العربية حاليا، ويضيف "في الحقيقة لم أتابع أحداث الثورة التونسية إلا في أيامها الأخيرة، وكنت أتصور أن الأمر لن يتعدى التظاهر لبضعة أيام ثم ينتهي بقمع التظاهرات كما هو معتاد في كل الديكتاتوريات".
ويستدرك بقوله "لكنني فوجئت بعد ذلك بهروب بن علي، في الحقيقة كان صمود الشعب التونسي محل احترام وتقدير من الجميع، لكن لم تمر أيام حتى شهدت ملحمة المصريين الذين صاروا أيقونة في التصدي لنظامهم القمعي الحاكم".
صمت عالمي
الشاعرة الهولندية روزالي هاريس اعتبرت أن ثورتي الشعبين التونسي والمصري انتهيتا بنجاح، وإن كانت الأمور لم تتبين بعد عن شيء واضح، إلا أنها تعتبر أن الشعبين أثبتا أنهما يملكان القوة الكافية ليقررا ما يريدانه، وليس ما تريده الأنظمة التي تحكمهما.
أما ما يحدث الآن في ليبيا فتعتبره الشاعرة الهولندية "شيئا يفوق أي وصف". وتوضح "لا أتصور أن يكون هناك رئيس دولة طبيعي يقول عن شعبه كل هذه الألفاظ والشتائم، أتصور أنه معتوه تماما ليتفوه بهذه الألفاظ وهذه الاتهامات لأبناء شعبه، ويعدهم كلهم مضللين وخائنين لمجرد أنهم يرفضونه، الوحشية التي رأيتها من قوات القذافي تجاه الأطفال والشباب وحتى النساء في شوارع ليبيا تؤكد لي أن هذا البلد ظلم طويلاً".
واعتبرت هاريس أن الأمر لن ينتهي بعد تونس ومصر وليبيا "يبدو أنها حالة حراك شعبي عامة في العالم العربي، حالة من الصحوة المتأخرة إن أردنا الدقة، فالغضب العربي يضرب في مدن عديدة، في اليمن وعمان والبحرين، وهو ما يجعلني أفكر في بداية حراك عربي جديد متعطش إلى الديمقراطية والحريات بمعناهما الحقيقي وليس المزيف".
انفجار حقيقي
الشاعرة الإنجليزية دينا ليفنجستون بدأت حديثها بحكمة تقول "من لا يتعلم الدرس المكرر، لن يتعلم جديدا أبدا"، في إشارة إلى تكبر العقيد القذافي وعدم إنصاته إلى صيحات شعبه.
وتشدد على أن ما يشهده العالم العربي الآن من تحرك شعبي هو ثورة حقيقية بكل ما في الكلمة من معان. وتقول "لديّ العديد من الأصدقاء في العالم العربي، وطالما كنت أستغرب قدرة الشعوب العربية على تحمل الظلم والمعاناة من حكامهم، ورغم هذا لم أتصور قط أن يحدث ما نراه اليوم، فهو أشبه بانفجار حقيقي نبع من سنوات طويلة من الغضب وعدم الشعور بالرضا".
وفي الجانب الآخر من الصورة، ترى الشاعرة الإنجليزية أن جيلا عربيا جديدا يغير المفاهيم برمتها، فتقول "كل هذه الدماء التي سالت من شباب في مقتبل العمر أثبتت أننا نحن الكبار فكرنا طويلا بالشكل الخطأ، ونظرنا إلى واقعنا بشكل مزيف لسنوات طويلة، ليأتي هؤلاء الشباب ليعلمونا درسا جديدا".
علينا أن نقلدكم
الشاعر الإيطالي إيميليو كوكو تناول غليان العالم العربي الراهن من زاوية قال إنها تخصه بوصفه مواطنا إيطاليا أكثر منه شاعرا، وأوضح ذلك بقوله "أعتقد أن تصورنا عن الديمقراطية سيتغير أوروبيا بعد كل ما نشهده الآن في مدن مختلفة من العالم العربي.
ويوضح "لا أتصور أننا في أوروبا نحيا ديمقراطيات حقيقية، رغم أن لدينا حدا معقولا منها مقارنة بطرق الحكم لديكم كعرب، لكنني أتصور أن إيطاليا هي الأخرى لا بد أن تبدأ ثورتها الخاصة على غراركم، فنحن أيضا نعاني من تفشي الفساد وسوء استخدام السلطات وتمركز رؤوس الأموال وغيرها من المشكلات، وإن كنا نحاول إخفاء هذه المساوئ تحت غطاء حريري للديمقراطية، إلا أنها سرعان ما تطفو على السطح مع كل أزمة سياسية أو مجتمعية جديدة".
صلابة الشعوب
لكنه يستدرك بقوله "من الصعب تصديق ما نراه بأعيننا، سواء على مستوى صلابة الشعوب التي ظننا أنها ستظل نائمة إلى الأبد، أو على مستوى الحكام العرب الذين يبدون وكأنهم لا يعون الدروس التي تحدث أمامهم".