خطة لحماية العربية من العبرية

جانب من الطاولة المستديرة وفيها من اليمين دكتورة هالة اسبانيولي والبروفسور محمد أمارة والباحث حسام أبو بكر

جانب من الطاولة المستديرة التي نظمها المجلس التربوي العربي في مدينة الناصرة

وديع عواودة-حيفا

أطلق مثقفون داخل أراضي 48 مشروعا للمحافظة على اللغة العربية وحمايتها من محاولات "عبرنتها" ومن عزوف أصحابها عنها. وتم الكشف عن هذا التصور المستقبلي للغة العربية داخل أراضي 48 ضمن ندوة نظمها المجلس التربوي العربي ومركز "دراسات" للحقوق في الناصرة.

ويعتبر هذا التصور كما يراه المنظمون "مشروعا" مضادا لتدني مكانة لغة الضاد، وتعرضها لمنافسة العبرية بوصفها لغة الحراك العام والتواصل اليومي، واللغة الإنجليزية كلغة الاقتصاد والتكنولوجيا، إلى جانب محاولات إسرائيل تشويهها منذ النكبة في إطار خطتها لطمس الهوية الفلسطينية العربية.

يشار إلى أن العبرية تنافس العربية في معظم المدن والقرى العربية في المراسلات واللافتات العامة والخاصة وفي التخاطب والتواصل بين الناس.

إسرائيل عمدت منهجيا إلى إقصاء العربية وخفض مكانتها كجزء من ترسيخ أسس الدولة اليهودية واستحواذ العبرية على الحيز المكاني والاجتماعي والسياسي

هيمنة العبرية
وشددت رئيسة لجنة متابعة التعليم العربي هالة إسبانيولي -المشاركة في  الندوة- على أن أسبابا تاريخية وسياسية حالت دون نهوض العربية بالوظائف المرجوّة منها كحاملة لهوية وثقافة وجدت نفسها في معركة بقاء على مستويات عدة، وكحيّز حداثي حيوي قادر على النماء واحتواء حركة الحياة والعلوم والمعارف الجديدة.

وأشارت إلى أن وضع العربية اليوم غير مرض وهي تواجه تحديات جمة لتراكم أسباب موضوعية وتاريخية، مشيرة لمعاداة إسرائيل لها بالرغم من أن العربية لغة رسمية وفق القانون الموروث عن مرحلة الانتداب البريطاني.

وأوضحت -للجزيرة نت- أن إسرائيل عمدت منهجيا إلى إقصاء العربية وخفض مكانتها كجزء من ترسيخ أسس الدولة اليهودية واستحواذ العبرية على الحيز المكاني والاجتماعي والسياسي. وقالت "من هنا فإن انشغالنا كجماعة قومية بلغتنا وإدارتها هو انشغال بالوجود في سياق يتسم بهيمنة العبرية والإنجليزية".

وتابعت "نتمنى على مجتمعنا أن يخوض غمار هذا التحدي بغير تعصّب أو انغلاق أو إكراه".

محمد أمارة: المشروع يتضمن خطة لتنمية إقبال الطلاب على اللغة العربية
محمد أمارة: المشروع يتضمن خطة لتنمية إقبال الطلاب على اللغة العربية

ثلاثة محاور
من جانبه يوضح رئيس المجلس التربوي العربي البروفسور محمد أمارة أن "التصور المستقبلي" لا يكتفي بالجانب الرؤيوي البيداغوجي، بل يولي أيضا اهتماما بالسياسات اللغوية أو ما اصطلح على تسميته علميا بـ"إدارة اللغة".

ويشير أمارة إلى أن المشروع يتضمن خطة لتدريس العربية بما يليق بها، وتأمين بيئة تربوية غنية ومتواصلة لتنمية حب الطلاب لها ومواجهة مظاهر النفور والجفاء أو الخوف من استخدامها.

ويوضح أمارة -للجزيرة نت- أن المشروع  يقوم على ثلاثة محاور مركزية، أولها يهدف لإقناع مجتمعنا بأهمية العربية المعيارية وتعزيز مواقف العرب الفلسطينيين الإيجابية تجاهها كلغة حداثية قادرة على التطوّر والنموّ بما يتّسع لتحولات الهوية والحياة والمعارف العلمية.

ويهدف المحور الثاني إلى مساواة اللغتين العربية والعبرية كلغتين رسميتين من منطلق نيل الحقوق الثقافية الخاصة بالمجموعات القومية. ويتطلع المحور الثالث لإعادة بناء سياسات تدريس اللغة العربية وآدابها والثقافة العربية بأسرها خاصة في المؤسسات التعليمية كونها أهم مؤسسات المجتمع، وفق ما جاء في التصوّر .

ويبدي أمارة مخاوفه من أنه -دون هذا المشروع- سيأتي يوم تنحصر فيه العربية لغة داخل منازلنا أو تصبح مهجنة من العربية والعبرية. وردا على سؤال يشير إلى أنّ العلاقة بين اللغة العامية (المحكية) وتلك الفصيحة (المعيارية) ليست علاقة صراع وتناحر وتضاد بالضرورة، بل يمكن ويجب أن تكون علاقة تكاملية.

مجامع اللغة
من جهته يؤكد مدير"دراسات للحقوق" المشارك في المشروع يوسف جبارين، أن اللغة العربية ركن أساسي من أركان الانتماء القومي والوطني ومكون جوهري من مكونات الهوية الثقافية والحضارية العربية، وهي مستهدفة من خلال سياسات الطمس والإقصاء والعبرنة.

ويشير -للجزيرة نت- أن المشروع سيستعين بمجامع لغوية في العالم العربي لتعريب المصطلحات العلمية، مؤكدا ضرورة تظافر كل القوى والجهود للحفاظ على العربية كونها لغة وهوية ووعاء ثقافيا وحضاريا.

المصدر : الجزيرة