سكة الحجاز بمعرض في برلين

المعرض سلط الضوء علي مرحلة من تحالف العثمانين وألمانيا البروسية . الجزيرة نت

المعرض سلط الضوء على مرحلة تحالف العثمانيين وألمانيا البروسية

خالد شمت-برلين

يقتفي معرض "من المدينة إلى الأردن" المقام بمتحف الفنون الإسلامية في العاصمة الألمانية برلين في الفترة من 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري إلى 6 مايو/أيار القادم بقايا سكة حديد الحجاز عبر مسارها داخل الأراضي السعودية حتى الحدود الأردنية.

وتبدو صور المعرض ذات اللون الأصفر الباهت لأول وهلة متشابهة وغير واضحة المعالم، مما يتطلب من الزائر الاقتراب منها أكثر ليتبين فيها محطات مهجورة وعربات قطار صدئة وقضبانا مدفونة وسط رمال تمتد إلى ما لا نهاية في أفق تتلاشى فيه الحدود بين الأرض والسماء.

وأوضحت صاحبة المعرض المصورة الفوتوغرافية الألمانية أورسولا شولتس أن صورها الملتقطة في العامين 2002 و2003 عمدا باللونين الأبيض والأسود تعيد إلى الأذهان ذكريات بعيدة عن تاريخ خط سكة حديد بناها العثمانيون بين العامين 1900 و1908 بغرض نقل الحجاج القادمين من آسيا والأناضول والشام من دمشق إلى الديار المقدسة بمكة والمدينة مرورا بأراضي الأردن.

محطة مهجورة من بقايا خط السكة الحديد العثمانية
محطة مهجورة من بقايا خط السكة الحديد العثمانية

إيحاء صوتي
وقالت شولتس للجزيرة نت "إن صور المعرض تعطي إيحاء بصوت حفيف الرمال في بيئة صحراوية يسودها صمت مطبق، وغاب عنها البشر الذين مروا خلالها بالملايين حجاجا وتجارا مستقلين القطار العثماني الشهير طيلة عمله تسع سنوات متصلة".

وأشارت المشرفة على المعرض يوليا جونيلا في كلمتها بحفل الافتتاح إلى أن صور المعرض ترصد الفراغ والصمت وتربط العصر الحاضر بالماضي في صحراء سعودية مترامية الأطراف، سجلت أفول شمس دول كبرى وبزوغ نجم أخرى صغرى واندلاع الحرب العالمية الأولى.

وقالت جونيلا إن خط السكة الحديد العثماني خفض بعد تشغيله زمن انتقال الحجاج من الشام إلى الحجاز من ستة أسابيع إلى ثلاثة أيام، واستخدم في حمل البخور والزعفران، ونقل الأسلحة والمعدات العسكرية العثمانية إلى شرق الأردن المضطربة حينذاك بتأثير الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين.

وأوضحت أن مشروع قطارات الحجاز تكلف 5.3 ملايين ليرة عثمانية تبرع منها آخر الخلفاء العثمانيين السلطان عبد الحميد الثاني بـ700 ألف قطعة ذهبية، وسدد المبلغ المتبقي من تبرعات حكومات وشعوب تابعة للباب العالي.

وذكرت خبيرة المتاحف الألمانية أن تصميم المهندس الألماني هاينريش أوغست مايزنر باشا لمشروع سكة حديد الحجاز وإشرافه على تنفيذه ومشاركة مصرف دويتشه بنك وشركة سيمنس الألمانيتين في تشييد المشروع أوصل علاقات التحالف الإستراتيجي التاريخية بين الدولة العثمانية وألمانيا البروسية إلى أوجها في عهد السلطان عبد الحميد الثاني (1842-1918) والإمبراطور غليوم الثاني (1859-1941).

المعرض يقتفي أطلال سكة حديد الحجاز في السعودية
المعرض يقتفي أطلال سكة حديد الحجاز في السعودية

معرض تمهيدي
وقالت مشرفة المعرض إن خط السكة الحديد الذي أفاد الحجاج والتجار ودعم القوات العثمانية بمواجهة البريطانيين تعرض للنسف في الثورة العربية الكبرى بتحريض من لورانس العرب، وتوقف بعد ذلك نهائيا عن العمل في الحرب العالمية الثانية.

ومن جانبه اعتبر مدير متحف للفنون الإسلامية البروفيسور شتيفان فيبر "أن معرضا من المدينة إلى الأردن الذي تستضيفه برلين بعد إقامته بمتحف اللوفر الفرنسي وعدد من المتاحف العالمية الأخرى، يعكس قدرة الفن على إقامة جسور التواصل بين الحضارات ويسلط الضوء من جانب آخر على مرحلة من تاريخ العلاقات العريقة بين ألمانيا والعالم الإسلامي".

وأضاف للجزيرة نت أن هذا المعرض يعد تمهيدا لمعرض ضخم آخر سيفتتح في 25 يناير/كانون الثاني القادم بمتحف الفنون الإسلامية ويحمل عنوان "الطريق إلى بلاد العرب"، داعيا مسلمي برلين لزيارة هذا المعرض الذي سيقام على مساحة 1200 متر مربع ويضم أكثر من 400 قطعة أثرية نادرة تعرف بحقب أثرية هامة في تاريخ المملكة العربية السعودية، وسيكون من بينها مقتنيات فريدة من الآثار الإسلامية.

المصدر : الجزيرة