ميشال النجار وعشق الخط العربي

لوحات الخط العربي للفنان ميشيل النجار - ميشيل النجار - فنان فلسطيني يعرض قضيته من خلال الخط العربي - فاتنة الغرة-بروكسيل

جانب من لوحات للفنان ميشال النجار في معرضه (الجزيرة نت)

فاتنة الغرة-بروكسل

يعد الفنان الفلسطيني المقيم في العاصمة البلجيكية بروكسل ميشيل النجار حالة خاصة من الفنانين الذين يشكّل الفن هوسهم المزمن، وهو يعتبر الفن التشكيلي وخاصة الخط العربي هويته الموازية التي تقدمه للمشاهد عربيا كان أو أجنبيا.

وعندما يدلف الزائر إلى معرض النجار الذي يقع أسفل البيت الذي يعيش فيه مع زوجته، يشعر أنه يلج بوابة تفضي به إلى الوطن، حيث اللوحات التي تتباهى بالخط العربي الذي لم يكتف الفنان ذو الـ74 عاما بكتابته مجردا، وإنما استثمر معرفته بالفن التشكيلي واستخدام الألوان بكل تموجاتها التي تبث حركة في اللوحات لتبدو كأنها تتحرك أمامك. 

المعاناة والإبداع
ولم تكن الحياة سهلة مع النجار الذي أجبر على الخروج من بلدته في نكبة 1948 ليستقر في بيروت مع عائلته الصغيرة، ومن هناك تفتحت لديه موهبته في إتقان الكتابة بخط جميل، مما دفعه لدراسة الفنون والتخصص في الخط العربي. وبما أن الفقر كان حال أغلب اللاجئين وقتها، اضطر النجار إلى كتابة لافتات إعلانات للمشروبات التي كانت سائدة في ذلك الوقت من خلال وكالات تجارية.

الفنان النجار في محترفه (الجزيرة نت)
الفنان النجار في محترفه (الجزيرة نت)

وحينما استعرت الحرب الأهلية في بيروت أوائل ثمانينيات القرن الماضي وجد النجار نفسه مضطرا لمغادرتها حفاظا على أسرته، فكانت محطته التالية بلجيكا التي احتضنته أكثر من ربع قرن، وجه خلالها موهبته وتجربته لتطال روادا جددا من مختلف الجنسيات العربية والغربية، إذ أسس مدرسة تعليم الخط العربي بمجهود شخصي، وتوافد عليها الكثيرون من محبي هذا الخط من الجالية العربية ومن الأوروبيين المقيمين هناك، وتخرج منها مجموعة كبيرة أقامت معارض خط عربي خاصة بها.

واختار النجار إحياء لوحاته باللون الذي رأى أن به يطور هذا الفن التراثي، وكما يروي في حديثه للجزيرة نت أنه حين قدم من لبنان إلى بلجيكا قدّم بحثا عن "تأثير اللون في الخط العربي" بأكاديمية الفنون الجميلة في بروكسل، أراد من خلاله أن يطور استخدام اللون فيه ويعرضه من جهة أخرى على الوسط الفني الأوروبي، حيث إنه فن قائم بذاته وله قيمة تشكيلية كبيرة، حتى أن فنانا عظيما مثل بيكاسو قال ذات يوم إنه كان لديه شيء مفقود في الفن وقد وجده في الخط العربي.

وتتمحور أغلب لوحات النجار حول التراث الشعري الفلسطيني، حيث يختار من أشعار محمود درويش وسميح القاسم وغيرهما من كبار الشعراء الفلسطينيين مادة لهذه اللوحات التي يشكلها برؤيته المختلفة. وكما يقول فإن الشاعر الكبير درويش كان يعجبه كثيرا استخدام كلمات قصائده في هذا النوع من الفنون، ويوضح أن الشعر الفلسطيني حمل القضية بكل أبعادها وتفاصيلها الإنسانية، وهو ما يسعى لتجسيده من خلال أعماله.

بعض لوحات النجار في مكتبته (الجزيرة نت)
بعض لوحات النجار في مكتبته (الجزيرة نت)

الخط والقضية
يرى ميشيل النجار أن رسالته التي يحملها ليس فقط للعالم العربي وإنما للعالم الغربي، هي هذا الفن العربي المغرق في الأصالة والضارب في التاريخ، والذي يجسده في معارضه المتنوعة الخاصة منها والمشتركة، والتي طار بها إلى مختلف أنحاء العالم. 

وشارك النجار بلوحاته في مختلف المعارض العالمية بأميركا وسويسرا وإسبانيا والبرتغال والمجر وبولندا والاتحاد السوفياتي سابقا وغيرها من الدول، إضافة إلى مشاركاته المتعددة في معارض فنية بالعالم العربي والتي رافق فيها منظمة التحرير الفلسطينية كممثل عن المكتب الثقافي فيها.

ويعبر النجار عن فخره بكونه أحد الرواد المعاصرين في الخط العربي وساهم في تعريف العالم الغربي به من جهة، وفي استخدامه لخدمة القضية الفلسطينية التي يرى أنها لا تزال تحتاج الكثير من الجهد لجعلها نصب أعين العالم بأسره كي لا ينسوا فلسطين.

يذكر أن ميشيل النجار فنان فلسطيني من مواليد عكا عام 1933 واضطر للهجرة إلى بيروت ومنها إلى بلجيكا التي استقر فيها عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982. شارك في مختلف المعارض على امتداد العالم بأسره، وتخرج على يديه أساتذة في فن الخط العربي.

المصدر : الجزيرة