خريس: الكتابة مبرر لوجودي

سميحة خريس وعبدالله رضوان
سميحة خريس وعبد الله رضوان (الجزيرة نت)

توفيق عابد-عمان

 
قالت الروائية سميحة خريس إن الكتابة مشروع حياتي وإن المبرر لوجودي هو ما تضيفه كتابتي للحياة التي "تنقط فيّ ماءها وأنقط فيها كتابتي كي ما أعبئ فراغا أو أخربش حائطا وأترك دليلا على مروري".
 
وأكدت في أمسية نظمها منتدى شومان الثقافي بعمان أمس بعنوان "تجربتي الروائية"، أنها لا تتفق مع الذين يرون أن الكتابة مجرد معاناة وقلق، و"كامرأة يمكنني إرجاع أهم شكل فيزيائي للمعاناة إلى لحظة الولادة حين ينبثق من الألم صياح طفل، هذه هي الكتابة في أعلى درجات قسوتها ولكنها مساحة رحبة للتخفف من الألم وإن كانت تعنى بألم الإنسان وتفتح جروحه المسكوت عنها".
 
أحاكم نصوصي
وقالت خريس إنه عندما تفتح وعيها على الحبر والقلم كان العالم العربي يحاول التماثل للشفاء من هزيمة حزيران 1967 ويشحن الفضاء بالشعارات، وإن فلسطين صارت شغلها الشاغل، "وشعرنا ككتاب أننا انتهكنا وعلينا دور في رفع أصوات الكتابة وقول الحق لهذا جاءت مجموعتي القصصية -مع الأرض- محملة بعواطف الصغيرة الشابة وبالقليل مما أعرفه عن الحياة".
ورأت أن الكاتب غير معني بمفهوم الكتابة والنوع الأدبي ومكانة الرواية مقارنة بالشعر والقصة أو التنظير حول هذه المسائل بقدر ما هو معني بفهمها والعمل على أدواته ولغته وعالمه المتخيل والتجديد الذي يريده لهذا تتابع نمو أي نص لها بخوف شديد وتحاكمه قبل الآخرين.
 
وأكدت أنها تتحسس المكان الأردني بحساسية عالية لأنه بكر بالنسبة للرواية وخفي مكتظ بالأحداث والوقائع والتفاصيل وتستمد بعض قطرات التاريخ لتقيم معمارا في كثير من نصوصها.
 
للجمال والحب
واستدركت القول إنها لم تذهب للتاريخ ردة عاطفية، بل لتقرأه وتعيد تقليبه وتقترح عليه وتضيف وتتدخل في الصياغة التي تركها المؤرخون.
 
وبينت أن نساء أعمالها كائنات مستقلة قلما تصور الاستلاب والضعف بل تنقذهن من هذا المصير "فقد سألت نفسي من أين تأتي نساء أعمالي بتلك القوة، وأنا لست منتسبة لحركات تحرير المرأة ولا اعتنيت بموضوع الجندر ولا لحقت الفورة العالمية التي خندقت العالم إلى حرملك وسلملك".
 
ومضت تقول إنها تكتب للجمال والحق والحب والخير وكل القيم النبيلة، "ومن حمى الحرية خرجت روايتي الأخيرة "يحيى" وإذا كتب ليّ العمر ستخرج بعدها رواية "بابنوس".
 
وأشارت لإدراكها بأن الحرية مفهوم ملتبس ومختلط بين الحقيقة والعدالة والمنطق والنسبية "وكانت مخاطرة كبيرة التصدي لمفهوم الحرية عبر أهم أضلاع المحرمات المشهورة الدين والسياسة والجنس".
 
وكان الناقد والشاعر عبد الله رضوان الذي أدار الأمسية قال إن 14 رواية لخريس –وهي مجمل رواياتها- تمتاز بتنوع التقنيات والأساليب والموضوعات والاهتمام بإعلاء المكان وتوظيفه وإعادة إنتاج التاريخ لخدمة الحاضر وفهمه وبناء الشخصيات الفنية من لحم ودم كنماذج فنية دالة ومعبرة.
 
معاني الحرية
جانب من الحضور (الجزيرة نت) 
جانب من الحضور (الجزيرة نت) 
بدوره أكد الناقد مفلح العدوان للجزيرة نت أن لسميحة خريس حضورا عربيا ومحليا في كتابة الرواية وخصوصيتها باختيار مواضيعها وتعدد جغرافيتها وتركيزها على معاني الحرية والوطن والهم الإنساني.
 
وقال إن هناك تصعيدا فيما تكتب "ولعل رواية يحيى أعطت بعدا جديدا ومنعطفا استثنائيا في تجربتها الروائية وتعدد الأمكنة ومعنى الفكرة ودلالاتها".
 
وأشار إلى أن تخصصها في علم الاجتماع أضاف بعدا في أعمالها في التركيز على المكان وجزء من الفولكلور والغناء الشعبي والموروث تآلفت كلها لتعطي بعدا وزخما لروايتها.
 
موهبة ومعرفة
أما المحرر الثقافي في جريدة الرأي الأردنية إبراهيم السواعير فرأى أن خريس استفادت من اشتغالها بالصحافة الثقافية وتخصصها بعلم الاجتماع فمزجت بين الموهبة والمعرفة في نصوص روائية وقصصية تباينت عبر مسيرتها في أكثر من أربعة عشر منجزا أدبيا، مشيرا إلى أنها في بدايتها كتبت القصة ثم اتجهت للمكان الأردني "المدينة" في "شجرة الفهود" و"دفاتر الطوفان".
 
ولم يغفل السواعير اهتمام خريس بالذات الخاصة بالأنثى الشرقية كما يبدو في "الرقص مع الشيطان" و"خشخاش" وقال إنها تشتغل بسبق إصرار على قيم معينة كالحرية التي باتت مرغوبة في الوسط العربي والأجنبي خصوصا عقب فوز السعودي عبده خال بجائزة البوكر العربية.
 
وبدورها رأت القاصة ذكريات حرب أن ذاكرة خريس تكتنز بالمرأة المليئة بعوالم بعيدة عن واقعها المؤلم في بعض الأحيان والقريبة من معاناتها اليومية التي تنز متاعبها ومشاكلها وعاطفتها المتدفقة في كل خطوة. 
 
وللروائية خريس -التي تترأس حاليا تحرير مجلة حاتم- مجموعة من القصص والروايات وتعد حاليا للكتابة في أدب الرحلات والسيرة بعنوان "على جناح الطير" ولها مخطوط روائي "بابنوس" ونالت العديد من الجوائز الأردنية والمصرية.
المصدر : الجزيرة