تشرذم ثقافي بالانقسام الفلسطيني

لافتة مقر اتحاد الكتاب الفلسطينيين في مدينة غزة

مقر اتحاد الكتاب الفلسطينيين في مدينة غزة (الجزيرة نت)


أحمد فياض-غزة
 
نال المشهد الثقافي الفلسطيني قسطا وافرا من تداعيات الانقسام السياسي التي زادت من شرذمته بعد تشكل أكثر من جسم نقابي يعبر كل منها عن توجه سياسي معين، وإن كان أي من الأجسام لا يبدي عند الإعلان عن تشكيله ميله لهذا اللون السياسي أو ذاك.
 
ولعل تشكيل رابطة الكتاب والأدباء الفلسطينيين في قطاع غزة مطلع العام 2010 بشكل مواز للاتحاد العام للأدباء الفلسطينيين الذي يتبع لمنظمة التحرير الفلسطينية، هو تعبير واضح لما وصلت إليه الحالة الفلسطينية على المستويين الثقافي والأدبي.
 
ويؤكد نائب رئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين، غريب عسقلاني، أن المشهد الثقافي الفلسطيني يعيش حاله من الانهيار والتصدع أساسها الانقسام والاصطفاف السياسي الذي أثر على الحالة الثقافية بشكل عاصف.
 
وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن أحد مظاهر الانقسام تمثلت بخروج بعض المثقفين عن الإطار الثقافي الإبداعي إلى الإطار السياسي بتغليبهم الفصائلية على كل ما هو وحدوي.
 
وأضاف أن "الانقسام الثقافي حالة مستنكرة بغض النظر عن كل مبرراتها وحيثياتها، لذلك يجب الانحناء أمام رغبات الناس لاستعادة الحلم الفلسطيني حتى لو كان على حساب الحزب".
 

رئيس رابطة الكتاب والأدباء الفلسطينيين بغزة عطا لله أبو السبح (الجزيرة نت)
رئيس رابطة الكتاب والأدباء الفلسطينيين بغزة عطا لله أبو السبح (الجزيرة نت)

عوائق التوحد

واعتبر عسقلاني أن أكبر ما يتهدد المثقف الفلسطيني هو الحذر الأمني الذي يسبقه إلى الكتابة، ولفت إلى أن ما يعيق توحيد جهود الأدباء هو الاصطفاف والتجاذب السياسي الذي أفرز أجساما ثقافية شتت جهد المثقفين وغيبت التواصل فيما بينهم ووقفت عائقا أمام بلورة حاله ثقافية شاملة.
 
لكن رئيس رابطة الكتاب والأدباء الفلسطينيين عطا لله أبو السبح، دافع عن مبررات تشكيل الرابطة بقوله "إن حالة التهميش التي يشهدها الفكر الفلسطيني المقاوم في المجال الثقافي جاءت نتيجة المشروع السلمي والتطبيع الذي كان يعتمد على مسخ التاريخ والفن الفلسطيني، وهذا ما دعانا إلى تصويب الشخصية الفلسطينية في أخلاقها وفنها وعاداتها وتقاليدها عبر مرجعية تجمع الكتاب والأدباء الفلسطينيين".
 
وأشار أبو السبح في حديثه  للجزيرة نت إلى أن الرابطة تهدف إلى إيجاد حاضنة ثقافية مقاومة تحفظ كرامة المثقف لملء الفراغ الذي يسيطر على الحالة الثقافية الفلسطينية، ونشر الوعي الثقافي والارتقاء بالمشهد الأدبي في فلسطين.
 
وذكر أن الرابطة ليست جسما بديلا ولن تقف عقبة أمام توحيد العمل الثقافي وأيديها ممدودة لحل الانقسام الثقافي، ولكن اتحاد الكتاب الفلسطينيين الذي حل قبل الانقسام السياسي بعام لم يستجب لدعوتنا الداعية إلى الارتقاء بالحالة الثقافية.
 
بدوره يرى الكاتب والمفكر الفلسطيني توفيق أبو شومر، أن عدم توظيف الحالة الثقافية الفلسطينية في الإطار الصحيح جعلها تفرز اتجاهات ومشارب متعددة جيرت جميعها لخدمة المصالح الحزبية.

الكاتب والمفكر الفلسطيني توفيق أبو شومر (الجزيرة نت) 
الكاتب والمفكر الفلسطيني توفيق أبو شومر (الجزيرة نت) 

حالة متردية

واعتبر أبو شومر في حديثه للجزيرة نت أن الحالة الثقافية الفلسطينية في أشد مراحلها سوءا، لافتا إلى أن المثقف يضطر للبحث عن جهة تحميه كونه لم يستطع التعبير عن وجهة نظره دون حام، مما دفعه للتنازل عن الكثير من ثقافته وإبداعه وانخراط في الإطار السياسي للحفاظ على حقوقه.
 
وحمل أبو شومر المثقفين أنفسهم مسؤولية الانقسام باعتبارهم لم يفلحوا في تأسيس إطار ثقافي قوي بعيد عن الإطار السياسي والتنظيمي.
 
ورأى أن المخرج لإعادة اللحمة الثقافية يكمن في انسلاخ المثقفين والأدباء من الاصطفاف إلى جانب السياسة والخروج من عباءتها وتشكيل تجمعات ثقافية تشرف عليها هيئة مستقلة بعيدا عن الإطار الرسمي والتنظيمي.
 
من ناحيته يرى الشاعر الفلسطيني عثمان حسين أن احتدام الصراع بين الأقطاب السياسية الفلسطينية كان له تأثير على مزاج المثقف ونظرته للأحداث وخلق له حالة من اليأس والقنوط وأطفأ شعلة الإبداع لديه وأدى لانحدار مستواه وانجراره لسجالات حزبية ضيقة.
 
وطالب حسين في حديثه للجزيرة نت بضرورة عدم سقوط المشهد الثقافي في خضم المناكفات السياسية التي أوصلت البلاد إلى حاله من الانقسام والتشرذم.
المصدر : الجزيرة