فيلم 678.. صرخة ضد التحرش

ملصق اعلاني لفلم 678

فيلم 678 أثار جدلا حادا بسبب خطابه الداعي للعنف ضد المتحرشين (الجزيرة نت) 


محمود جمعة-القاهرة
 
يمثل فيلم "678" الذي يعرض في غالبية دور العرض السينمائية بمصر ويحقق نسبة مشاهدة عالية للغاية، صرخة في وجه ظاهرة "التحرش الجنسي"، لكنه أثار جدلا حادا ليس فقط بسبب موضوعه ولكن بسبب الرسالة التي يقدمها والتي تدعو للعنف ضد المتحرشين.
 
يحكي الفيلم ثلاث قصص حقيقية لثلاث فتيات من مستويات تعليمية واجتماعية مختلفة، يتعرضن للتحرش في الشارع ووسائل المواصلات العامة، ويرصد النظرة الأمنية والتعامل القانوني مع القضية، ونظرة المجتمع للفتاة التي تجاهر بتعرضها للتحرش.
 
وبعيدا عن الشاشات انتقلت معركة الفيلم إلى ساحة القانون، إذ طالبت جمعية أهلية بوقف عرض الفيلم والتحقيق مع أبطاله ومخرجه بتهمة الدعوة لنشر العنف، وهو ما رفضه فنانون ونقاد وحقوقيون، لكن نشطاء آخرين انضموا إلى الدعوة المطالبة بوقفه، ليتجدد السجال حول مسألة الملاحقة القانونية للأعمال الفنية.
 
وتقدمت "رابطة العدالة الاجتماعية لحقوق الإنسان" ببلاغ إلى النائب العام المصري تطالب برفع فيلم 678 من دور السينما، لكونه يحث النساء على استعمال العنف واستخدام الأسلحة البيضاء -كما فعلت بطلات الفيلم- ضد الرجال الذين يتحرشون بهن، بدلا من اللجوء إلى القضاء لحماية حقوقهن.
 

"
لويس جريس يرى أن الفيلم يقدم معالجة راقية لظاهرة التحرش الجنسي، ويدعم دعوة الفيلم للفتيات "إلى تعلم الألعاب القتالية واللجوء إلى استخدام العنف" لحماية أنفسهن من التحرش
"

رفض ومعالجة

لكن الشبكة العربية لحقوق الإنسان رفضت تلك الدعوة لأنها "انتهاك لحرية التعبير والإبداع التي كفلتها المواثيق الدولية، وحرمان للجمهور من حقه في تقييم هذه الأعمال الفنية بإرادته الحرة".
 
ويقول صناع الفيلم إنهم يستندون إلى تقارير ودراسات عن انتشار ظاهرة التحرش الجنسي في مصر، إذ كشف تقرير للمركز المصري لحقوق المرأة بعنوان "حالة المرأة المصرية 2010" أن "التحرش" جاء في طليعة الانتهاكات التي تتعرض لها النساء المصريات بنسبة 71.4%.
 
أما من الناحية الجمالية، فيرى الناقد الفنى لويس جريس أن الفيلم يقدم معالجة راقية لظاهرة التحرش الجنسي، معربا عن دعمه لدعوة الفيلم للفتيات "بتعلم الألعاب القتالية واللجوء إلى استخدام العنف" لحماية أنفسهن من التحرش.
 
ورفض جريس تكرار مسألة الدعوى القضائية والقانونية بوقف عرض الأعمال الفنية، لكنه فسر لجوء شركات الإنتاج وصناع الفيلم إلى رفع هذه القضايا عبر آخرين بالسعي "لإضفاء نوع من الدعاية الساخنة على أعمالهم".
 
ويتفق معه في الرأي الناقد والرئيس السابق للرقابة على المصنفات الفنية علي أبو شادي الذي لا يستبعد أن تكون هذه القضايا جزءا من الدعاية، مؤكدا أن "جهاز الرقابة الفنية هو الوحيد المخول بالسماح أو رفض عرض الأعمال الفنية أو حذف مشاهد منها وفق الضوابط المعروفة".
 

"
علي أبو شادي يقر بوجود إشكالية عميقة بين إتاحة الإبداع الفني والحفاظ على تقاليد المجتمع، ويؤكد أن الضامن الوحيد لتحقيق هذه المعادلة الصعبة هو ضمير الكاتب أو المبدع.
"

ضمير المبدع

ويقر أبو شادي بوجود إشكالية عميقة بين إتاحة الإبداع الفني والحفاظ على تقاليد المجتمع، لكنه يؤكد أن الضامن الوحيد لتحقيق هذه المعادلة الصعبة هو "ضمير الكاتب أو المبدع، إلى جانب جهد الرقابة التي تمنع كل ما يسيء إلى العادات والتقاليد".
 
وعلى النقيض من الرأيين السابقين، ينتقد الناشط الحقوقي البارز نجاد البرعي الفيلم ومضمونه، ويعتبر دعوته الفتيات إلى أخذ حقهن بأيديهن من المتحرشين "دعوة إلى الانفلات الأمني والمجتمعي وتغييبا لسلطة القانون…".
 
ويقول البرعي للجزيرة نت ردا على الدعوات المصاحبة للفيلم بإصدار تشريعات مغلظة لمحاسبة المتحرشين، إنه لا يوجد تقصير في النظام التشريعي المصري "لكن القصور يوجد فى التنفيذ".
 
ورغم اعتقاده أن القضايا المقامة ضد بعض الأفلام نوع من الدعاية لها، يرفض البرعي بشكل كامل مناقشة الخلاف بشأن الأعمال الفنية في المحاكم والمحافل القانونية، ويؤكد أن المطلوب هو الرد على تلك الأفلام بأفلام مضادة توضح السلبيات التي تعرضها الأعمال الأخرى.
المصدر : الجزيرة