الأسير إنسانا في رواية فلسطينية

غلاف كتاب المسكوبية


عوض الرجوب-بيت لحم
 
حظيت قضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وظروف اعتقالهم باهتمام واسع من الكتاب والمثقفين والروائيين، وصدرت عنهم الكثير من المقالات والمؤلفات والروايات والأشعار.
 
لكن رواية "المسكوبية.. فصول من سيرة العذاب" للصحفي أسامة العيسة، التي صدرت حديثا عن مركز أوغاريت الثقافي في رام الله في الضفة الغربية، تناولت القضية من منظور مختلف، لامس الجانب الإنساني للأسير نفسه.
 
و"المسكوبية" مجمع روسي ضخم خارج أسوار البلدة القديمة في القدس، حوّله الانتداب البريطاني إلى سجن، ثم الاحتلال الإسرائيلي إلى معتقل مورست فيه أبشع ألوان التعذيب والاعتقال بحق الفلسطينيين.
 
صورة مختلفة
مسرح الرواية شوارع البلدة القديمة وكنائسها ومساجدها، والتنوع البشري في مدينة يقدمها الإعلام عادة بوجه واحد، ويظهر فيها العيسة كما يقول شخوصا من النور والأحباش واليونان والأقباط.
 
يقول العيسة إنه استند إلى بحث ميداني وتاريخي أنجزه اعتمادا على الرواية الشفوية والمدونات الخاصة والمذكرات، وتناول قضية الأسرى خارج الصورة النمطية التي قدمها الأدب الفلسطيني والعربي.
 
وقال للجزيرة نت إنه تطرق إلى ما عد –فلسطينيا- محظورا على أدبيات السجون، وهو التحرش الجنسي الذي مارسه المحققون بحق الأسرى الفلسطينيين.
 
ويدافع العيسة عن خروجه عن الصور النمطية للأسير كما قدم في السرد والشعر والمذكرات، وذكر بأن ربع الفلسطينيين مروا بتجربة الاعتقال، وقدمت شخصية الأسير شخصية خارقة "لكن نحن بشر، نخاف ونضعف، ونحب ونكره، ونصمد أيضا، لقد حاولت رد الاعتبار لإنسانية الأسير".
 
 أسامة العيسة: لقد حاولت رد الاعتبار لإنسانية الأسير (الجزيرة نت)
 أسامة العيسة: لقد حاولت رد الاعتبار لإنسانية الأسير (الجزيرة نت)

أما عن العنوان فيقول إن مثقفين عربا وفلسطينيين كثيرين مروا بتجربتها، وذكر منهم الأديب الفلسطيني نجاتي صدقي، والمؤرخ والسياسي أكرم زعيتر، والمثقّف الجزائري محمود الأطرش.

 
في الجانب التاريخي يقدم الكاتب رؤية للأيام الأولى لحرب يونيو /حزيران 1967 حين سقط ما تبقى من القدس بيد الاحتلال الإسرائيلي، ويذكر كيف أن تداعيات الحرب ما زالت مستمرة الآن.
 
يقول الراوي "أنا ابن هذه المرحلة، حاولت أن أفهم ما جرى، من خلال الروايات الشفوية، واليوميات العربية القليلة عن تلك الحرب، والكم الهائل من المراجع التي كتبها الإسرائيليون المنتصرون".
 
ويضيف "حاولت أن أرى ما جرى بعين المهزومين، شيء لا يمكن تصوره أن تعيش كل عمرك في زمن احتلال، دون أن تعرف سبب تلك الهزيمة المدوية، لقد كذب القادة على آبائنا، وما زالوا يكذبون علينا".
 
وعن التقنيات الفنية المستخدمة في العمل، قال العيسة إن روايته "تجمع بين التأريخ واليوميات والحكايات"، وتشمل أيضا "أسماء شخصيات حقيقية واقعية من سيد قطب، إلى توفيق زيّاد، وفليتسيا لانغر، وبسام الشكعة وغيرهم".
 
التجربة والتاريخ
يقول الناقد الأدبي تحسين يقين إن ما ميز "المسكوبية" إدخال أسلوب الوثيقة والتأريخ في العمل الروائي، مستعينا بالتجربة الذاتية.
 
وأوضح أن الرواية ارتكزت على عنصرين هما تاريخ المسكوبية وكيف تأسست، والثاني أشبه ما يكون بسيرة ذاتية للراوي، وهي تجربة الاعتقال، وأشار إلى إدخال المفهوم الزماني بالنسبة للمسكوبية وكيف تحولت من مكان حج روسي إلى معتقل.
 
وعن جانب السيرة الذاتية يقول إن الكاتب استطاع أن يستخدم سيرته الذاتية بصورة درامية، خاصة من خلال تجربة الاعتقال وتفاصيله الدقيقة، وإن اكتسابه التجربة ووجوده المبكر بما فيه من تفاصيل حافظ عليها أغنت تجربة الاعتقال.
المصدر : الجزيرة