"أنا القدس" يروي مأساة المدينة

أثناء تحضير أحد المشاهد فاروق الفيشاوي يمين وباسل الخطيب وسط وعابد فهد الى اليسار

باسل الخطيب متوسطا فاروق الفيشاوي (يمين) وعابد فهد خلال التصوير (الجزيرة نت)
 

نغم ناصر-مشتى الحلو (طرطوس)
 
يصور المخرج باسل الخطيب في بلدة مشتى الحلو بمدينة طرطوس السورية مسلسل "أنا القدس" الذي يرصد مأساة الشعب الفلسطيني في مدينة القدس، وهو إنتاج سوري مصري مشترك.
 
وتجري أحداث المسلسل بين عامي 1917 و1967 وهي خمسينية حاسمة في الصراع على القدس بما فيها من حروب وثورات، مع التركيز على الإنسان الفلسطيني ومصير مجموعة من الشخصيات تأثرت بهذه التحولات السياسية والاقتصادية التي أفقدتهم أراضيهم وأهاليهم.
 
ويرى الخطيب -الذي عُرف بتبنيه القضية الفلسطينية في مسيرته الإخراجية عبر مسلسلي يحيى عياش وعائد إلى حيفا وأفلام سينمائية قصيرة- أن ما قُدم سابقا لم يكن بمستوى طموحه، لكن النضج الفني اكتمل في "أنا القدس" لأن ارتباطه بهويته الوطنية -وهو الفلسطيني الأصل- انعكس على خياراته الفنية مما جعله يجتهد ليرى هذا المسلسل النور.  
 
ويقول الخطيب إن الفكرة بدأت بصدور روايته "أحلام الغرس المقدس" عام 1990 التي كانت بذرة المشروع، وإنه سعى لاحقا لجمع خطوط وأحداث الكتابة الفعلية للمسلسل التي بدأت منذ ثلاث سنوات وتطلبت مجهودا كبيرا.
 
ويتابع الخطيب من موقع التصوير "قضيت ستة أشهر أكتب بمعدل 12 ساعة يوميا.. أنا أتحدث عن تاريخ حساس وشائك يتوجب فيه عمل نسيج متداخل ومناسب بين الحدث العام التاريخي والحدث الخاص الذي يرتبط بمصائر شخصيات المسلسل".
 
ويضيف في حديث للجزيرة نت أنه يملك مادة أدبية تحرض خياله وتجعله يعمل وهو مرتاح الضمير لأنه يقدم عملا وطنيا بامتياز نتيجة للجهد الذي بذله، حسب رأيه. وأوضح أن "ما جاء في السيناريو مذكور بعشرات الكتب التي توثق هذه المرحلة"، وأكد أنه يرفض ما وصفها بالمجاملات التي تضحي بالحقائق كما يعارض التنازل عن تفاصيل لتسهيل تسويق المسلسل.
 

باسل الخطيب في موقع التصوير (الجزيرة نت)
باسل الخطيب في موقع التصوير (الجزيرة نت)

جرأة وحذر


ويرى الخطيب أن بعض الفضائيات العربية حذرة تجاه عرض المسلسل وتنتظر مشاهدته أولا لأن "فيه جرعة كبيرة من الجرأة ولا يجامل أي نظام أو جهة"، لكنه مع ذلك متفائل بتسويقه "لأنه يحمل قيمة إنسانية وهو عمل يشرف أي محطة فضائية بعرضه". 
 
وزار المخرج مؤخرا غزة، وهي مدينة والدته. ومنحته الزيارة شحنة عاطفية مدّته -حسب قوله- بانطباعات فتحت له آفاقا واسعة جعلت رؤيته أوضح. وقال في هذا السياق "هي المرة الأولى التي أزور فيها وطني وألمس فيها ترابه واستنشق هواءه".
 
ويتزامن تصوير المسلسل مع تكثيف الاحتلال ممارساته من تهويد واستيطان في القدس. وقال الخطيب في هذا الخصوص "من المفاجئ أن هذه الأحداث وقعت قبل خمسين عاما وتتكرر اليوم. ردة الفعل العربي تكاد تكون مشابهة وكأن الزمن يعيد نفسه ولا نتعلم من أخطاء الماضي".
 
التطبيع
ويشارك في العمل فنانون بينهم السوري عابد فهد والمصريان فاروق الفيشاوي وأحمد ماهر، الذين يؤدون أدوار شخصيات فلسطينية في هذا المسلسل.
 
ويمثل هذا العمل -حسب الفنان عابد فهد- وثيقة هي بمثابة كتاب قديم بتفاصيل كثيرة لجيل لا يعلم ما حدث جراء اتفاقية سايكس بيكو التي "ما زلنا ندفع ثمنها حتى الآن".
 
ويمثل فهد دور فلسطيني شريف ومناضل فقد الكثير من أفراد عائلته، وأب لولدين أحدهما تأثر بالعولمة والتطبيع نتيجة دراسته بالجامعة الأميركية فأصبحت رؤيته مختلفة للاحتلال الإنجليزي، بينما يشكل الابن الثاني نقيض الأول.
 
وعبر فهد عن أمله في ألا تتأثر الفضائيات العربية بالتطبيع أيضا وتحجم عن عرض المسلسل. وقال "برأيي يجب أن تتسابق الفضائيات على عرضه لأنه يقدم نصا محترما وبناء دراميا جميلا فيه رؤية وليس تحريضا".
 
وقال الخطيب الذي انتقد التسرع في إنتاج أعمال عن القضية الفلسطينية إن "القضية حساسة جدا ويحتاج إنتاج أعمال عنها للوقت والدراسة.. هذا الفن لا يمكن أن ينتج بسرعة ويصور كأي مسلسل اجتماعي معاصر ولا يمكن أن يتحول لما يشبه وليمة لكائن من كان".
 
وأضاف أن "النوايا الطيبة وحدها لا تكفي، بل إنها قد تسيء للشعب الفلسطيني وقضيته"، متمنيا أن "يقوم بهذه الأعمال أناس مثقفون وأصحاب مشروع وطني طموح لدعم هذه المأساة الإنسانية وليس العكس".
المصدر : الجزيرة