قصر الباشا يحكي تاريخ غزة

مبنى قصر الباشا

مبنى قصر الباشا بمدينة غزة

أحمد فياض-غزة

يفتح متحف قصر الباشا في حي الدرج شرق مدينة غزة بتصميمه المعماري نافذة لمعرفة الكثير عن ماضي هذه البلاد وعراقتها، ولكن حصار غزة يجعل ترميمه غير ممكن، وهو ما يُخشى من عواقبه على واحد من أهم الآثار الفلسطينية على مر العصور.

ويجمع مختصون وباحثو آثار على روعة البناء المعماري لهذا المعلم الذي أصبح بمنزلة متحف يحتضن ما وقع بين أيدي الغزيين من آثار يعود بعضها إلى العصور الحديدية والبيزنطية.

وقالت مديرة العلاقات الخارجية في وزارة السياحة والآثار نبيلة مليحة إن قصر الباشا هو النموذج الوحيد المتبقي من القصور في غزة، ورأت فيه معلما تاريخيا وحضاريا وأثريا هاما في مدينة غزة.

وأضافت أن أهمية القصر تأتي من كونه يعود إلى العصر الإسلامي المملوكي من حيث الزمن، ومن بنائه وطريقة عمارته من الداخل والخارج، لما تعكسه من عراقة العمارة الإسلامية المملوكية، سواء من حيث استخدام الحجر الرملي في العقود، أو من حيث شكل النوافذ والزخارف.

وحسب المسؤولة الفلسطينية فإن بناء القصر تم في زمن الظاهر بيبرس (1260-1277م)، واستدلت على ذلك بشعار الظاهر بيبرس الموجود على مدخله الرئيس، والذي هو عبارة عن أسدين متقابلين.


 مليحة: إمكانية ترميم القصر الآن مستحيلة لاستمرار الحصار على غزة
 مليحة: إمكانية ترميم القصر الآن مستحيلة لاستمرار الحصار على غزة

أسماء القصر
وقالت مليحة إن للقصر أسماء أخرى منها قصر النائب وقصر الرضوان ودار السعادة والدار العظمية والدبوية، وذلك انسجاما مع كل من حكموا المنطقة، وقد استخدم مركزا للشرطة في عهد الانتداب البريطاني بفلسطين، ثم استخدم مدرسة في العهد المصري.

وتوضح مليحة أن القصر يتكون من بناءين منفصلين تتزين واجهاتهما وأعتاب مداخلهما بأشكال مختلفة كالأطباق والنجمية والمقرنصات والزخارف النباتية والمحورة والدعامات السائدة، وهي عناصر معمارية لدعم الواجهات، خاصة المرتفعة، بالإضافة إلى العقود التي تزين المداخل وتستخدم فيها الأحجار الجيرية والرخامية الملونة.

أما الطابق السفلي من القصر فيتكون –حسب المسؤولة الفلسطينية- من ثلاث قاعات رئيسة مسماة بأسماء مدن فلسطينية، قاعة حيفا وقاعة يافا وقاعة القدس، وبها آثار بيزنطية وعملات نقدية وأدوات فخارية، وآثار إسلامية أيوبية ومملوكية وعثمانية، منها أباريق نحاسية.

أما الطابق العلوي فيتكون من قاعتي عكا والرملة، وهو يحتضن آثارا برونزية وكنعانية وحديدية ويونانية ورومانية وبيزنطية.

وقالت مليحة إن القصر رمم عام 2002، ولكن إمكانية ترميمه من جديد لا تتوفر الآن مع استمرار الحصار على غزة، ونبهت إلى إقبال السكان المحليين بصورة كبيرة على هذا القصر، خاصة ممن يهتمون بمشاهدة الآثار.


المبيض: القصر تعرض لحريق متعمد قام به مستوطنون في ثمانينيات القرن الماضي
المبيض: القصر تعرض لحريق متعمد قام به مستوطنون في ثمانينيات القرن الماضي

قيمة معمارية هامة
أما مدير مركز إيوان بالجامعة الإسلامية بغزة عبد الرحمن محمد فقال إن غالبية المواقع الأثرية الموجودة بقطاع غزة توثق تاريخ الشعب الفلسطيني وحضارته.

وأضاف أن الحجارة التي بني بها القصر وكذلك الجدار والأقواس والعقود والأقبية المتقاطعة، إضافة إلى الغلاف الخارجي والغرفة الداخلية كلها صممت بشكل هندسي فريد، وهي ذات قيمة معمارية هامة.

من جهته أوضح المؤرخ الفلسطيني سليم المبيض أن الاسم الأدق للقصر هو قصر السعادة، ويرى أنه بني في فترة حكم الأسرة الغزية آل رضوان عام 1584م، وأوضح أن أهمية القصر تكمن في قيمته الأثرية والمعمارية.

وأوضح أن هذا القصر يعد الوحيد الأثري في مدينة غزة، مشيرا إلى تعرضه لحريق متعمد أواخر ثمانينيات القرن الفائت قام به بعض المستوطنين وتعرضه لتدمير جزئي في الحرب الأخيرة.

أما وزير السياحة والآثار محمد الآغا فذكر من جانبه أن الوزارة تولي اهتماما خاصا لهذا المعلم، وقال إنها فتحته مؤخرا للجمهور، وإنها توفر له الحماية مثل كل المواقع الأثرية في القطاع.

ولفت إلى أن الحصار المضروب على القطاع ألقى بظلاله على عمل الوزارة وقطاع الآثار، نظرا لعدم وجود مواد لترميم بعض القطع الأثرية، إضافة إلى قلة الأدوات التي تستخدم في عملية التنقيب عن الآثار، وتراجع الوفود الخارجية للمساهمة في عمليات التنقيب.

المصدر : الجزيرة