حكاية جامعة عمرها 776 عاما

المدرسة المستنصرية شتهد من الزمان القديم

المدرسة المستنصرية شاهد من الزمان القديم (الجزيرة نت)

  فاضل مشعل ـ بغـداد

تحتفظ المدرسة المستنصرية التي بناها الخليفة العباسي المستنصر بالله سنة 1234م بنفس القاعات التي شهدت تدريس الفقه والفلك والطب والهندسة واللغات قبل أن يلف الإهمال بنايتها التي بهرت الناس وما زالت تنزوي بين أسواق بغداد القديمة على الجانب الشرقي من نهر دجلة.

كانت المدرسة المستنصرية واحدة من بين أكثر من ثلاثين مدرسة انتشرت في بغداد أيام عزها، قبل أن يغزوها المغول عام 1258م ويحرقوا المدينة ويقتلوا علماءها ويدمروا مكتباتها ويلقوا في نهر دجلة آلافا من المخطوطات لم يتح للأجيال اللاحقة أن يروها.

يقول خليل عبد الصاحب أستاذ التأريخ في الجامعة المستنصرية التي حملت اسم مدرسة المستنصر العباسي -للجزيرة نت- إن غرض الخليفة العباسي "كان نشر فقه الشافعي ليواجه المدرسة القادرية (نسبة للشيخ عبد القادر الكيلاني) التي كانت تدرس الفقه الحنبلي السائد في بغداد".


بوابة المدرسة المستنصرية (الجزيرة نت)
بوابة المدرسة المستنصرية (الجزيرة نت)

معالم اختفت
يقول عبد الصاحب إن المدرسة المستنصرية "تعد أول جامعة في العالم القديم منظمة تنظيما دقيقا، ولها مناهج ونظام تدريس عالي الدقة، وهي تخصص لكبار الأساتذة أربعة من المساعدين ولكل أستاذ راتبا شهريا مقداره 12 دينارا".

وأضاف أن المستنصرية "كانت أول جامعة في العالم تسمح للضرير بالتدريس، إذ كان الشيخ الخيلي عبد الرحمن بن عمر أول مدرس ضرير".

وقد ظلت بناية المدرسة المستنصرية شاهدا على أن العرب هم أول من أسس أرقى الجامعات ووسعوها لتوفر قاعات لكل علم، وخصصوا غرفا لكبار المعلمين.

وتأسست المستنصرية بعد أكثر من مائتي سنة على تأسيس المدرسة النظامية التي هي أولى المدارس في العالم الإسلامي القديم تأسيسا، غير أن معالمها اختفت منذ تدمير بغداد على يد المغول، ولم تحتفظ بغداد بأي أثر لبنايتها ولا خزائن كتبها، وإن بقيت أسماء بعض أشهر أساتذتها كابن إسحاق الشيرازي والغزالي خالدا على مر العصور.


بناية المستنصرية التي تأسست قبل 776 سنة (الجزيرة نت)
بناية المستنصرية التي تأسست قبل 776 سنة (الجزيرة نت)

المستنصرية تعود
ويشرح المؤرخ علي العكيلي جانبا آخر من تأريخ المدرسة المستنصرية -قائلا للجزيرة نت- إنها "كانت تشمل أقساما داخلية للطلاب، بل إنهم كانوا يحصلون على دينارين شهريا، إضافة إلى وجبات الطعام والملابس".

ويضيف العكيلي أن "المدرسة المستنصرية كانت قد ألحقت بها معاهد لتدريس القرآن الكريم والطب والصيدلة وغيرها من العلوم".

ولئن كانت البناية التي أعيد ترميها عام 1960 مازلت تذكر أهل بغداد بالمدرسة المستنصرية، فإن تأسيس ثاني جامعة بالعراق بعد جامعة بغداد وإطلاق اسم الجامعة المستنصرية عليها عام 1964 جعل لتلك البناية قيمة خاصة.

وكلما مر أحدهم اليوم من شارع النهر ومن سوق السراي ومن أسواق الشورجة والبزازين أعادت إليه تلك البناية ذكرى الجامعة المستنصرية بعد أكثر من 776 سنة من تأسيسها.

المصدر : الجزيرة