"البوكر العربية" في دائرة الجدل
أعلنت الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر العربية" -وهي أكبر جائزة أدبية في العالم العربي- أسماء مرشحيها هذا الشهر. وقد أثارت الترشيحات غضب منتقدين قالوا إن قائمتها القصيرة غلب عليها الطابع السياسي، ومصممة لتلقى جاذبية عند الجماهير الغربية.
ويتنافس مغربيان ومصريان وسوداني وسعودية على الجائزة التي تبلغ قيمتها 50 ألف دولار والتي تضمن للفائز عقودا مربحة لنشر رواياته بالإنجليزية وغيرها من اللغات. ويتم الإعلان عن الفائز في مارس/آذار القادم.
وهذا هو العام الرابع لجائزة البوكر العربية، وهي واحدة من جوائز كثيرة في المنطقة، لكن ارتباطها بمؤسسة جائزة البوكر البريطانية يعطيها ما يوصف بأنه أفضلية على غيرها من الجوائز المرتبطة بحكومات عربية مثل جائزة العويس الإماراتية وجائزة مؤسسة الفكر العربي السعودية.
يذكر في هذا السياق أنه تم سحب جائزة العويس من الشاعر العراقي سعدي يوسف عام 2004 بعدما انتقد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الإمارات العربية المتحدة.
ولجائزة البوكر العربية هيكل كبير من المحكمين ومجلس أمناء لضمان النزاهة، ومن بينهم عرب من جنسيات مختلفة مقيمون في المنطقة وبالخارج، فضلا عن خبراء أدبيين من غير العرب وشخصيات تعمل بمجال النشر، غير أن مؤسسة الإمارات -ومقرها أبو ظبي- هي التي تمولها.
لكن في المقابل، تشهد دول الخليج في الأعوام الأخيرة زيادة في الجهود لرعاية الفنون وتحويل منطقة إنتاجها على صعيد السينما والمسرح والكتابة وأشكال التعبير الأخرى.
من جهة أخرى، أشار فوز الروائي السعودي عبده خال بجائزة البوكر العربية عام 2010 عن روايته "ترمي بشرر" إلى أن الجائزة لن تتجنب المواد ذات الحساسية في دول الخليج على الأقل حين تقدم كقصة رمزية، حيث تبحث هذه الرواية التشوهات التي طرأت على المجتمع السعودي نتيجة الطفرة النفطية في العقد الماضي.
" الجائزة مؤشر آخر على فساد الحياة الثقافية العربية ومدى إصرار أموال النفط العربية على الهيمنة على جميع جوانب الحياة " |
كما عكست صعود الرواية كأحد الأشكال الفنية الرائجة في السعودية ومنطقة الخليج والتي أثر نقص الحريات السياسية والاجتماعية والدينية في طبيعة الإنتاج الأدبي وانتشاره.
واشتكى بعض الروائيين في الصحف العربية من فوز مصريين في أول عامين بينما استقالت ناقدة مصرية من لجنة تحكيم العام الماضي، منتقدة الطريقة التي وضع بها زملاؤها في اللجنة القائمة القصيرة.
ويشير اتساع نطاق التوزيع الجغرافي للقائمة القصيرة لهذا العام إلى أن نوعا من الميل إلى الانضباط السياسي يدور في أذهان أعضاء لجنة التحكيم التي تتألف هذا العام من أربعة من العرب وإيطالية وفق وكالة رويترز.
وقال الشاعر والصحفي المصري أسامة الغزولي "إنهم لا يقررون تبعا للاستحقاق الأدبي وحسب.. إنهم يقسمون الاختيارات (في القائمة القصيرة) على أرجاء العالم العربي.. يجب أن ينتقد هذا".
وفي ظل حظر أعمال الكثير من الكتاب داخل بلادهم، يمكن أن تكون الترجمة إلى الإنجليزية مفتاح الثراء والشهرة، وكثيرا ما يقول نقاد إن الأدباء يضعون هذا في اعتبارهم عند الكتابة، ونجيب محفوظ هو الروائي العربي الوحيد الذي فاز بجائزة نوبل في الآداب.
وتحدث الغزولي عن بعض الأفكار في أول كتاب يفوز بالجائزة، وكان رواية "واحة الغروب" للروائي المصري بهاء طاهر كأحد الأمثلة، وتتناول الرواية علاقات بين مثليات وشخصية تتساءل عن حق مصر في السيطرة على واحة سيوة (غرب مصر)، وهو ما يلائم "أذواق ما بعد الحداثة" التي تلقى صدى جيدا في الخارج، حسب تعبيره.
" |
القائمة القصيرة
وفي القائمة القصيرة لهذا العام، تم ترشيح وزير الثقافة المغربي السابق محمد الأشعري عن رواية "القوس والفراشة" التي تروي قصة أب يتلقى رسالة من تنظيم القاعدة يبلغه فيها بأن ابنه الذي كان يعتقد أنه في باريس لاقى حتفه أثناء قتاله للقوات الغربية في أفغانستان.
ويتخيل وزير الثقافة المغربي الحالي بن سالم حميش رجلا بريئا يمر بتجربة تسليم غير عادي وتعذيب في سجن أميركي في رواية "معذبتي". أما الروائية السعودية رجاء العالم فهي مرشحة عن رواية "طوق الحمام" التي تتناول الحياة في مكة وتتحدث عما يسمى انتهاك حقوق العمال الأجانب والتشدد الديني.
ويقول الغزولي إن المبادرات الخليجية مثل جائزة البوكر العربية تسدي العالم العربي صنيعا بعدما تعرضت مراكز الثقافة العربية التقليدية مثل مصر ولبنان والعراق لعدة أزمات سياسية منذ سبعينيات القرن الماضي، مما أضر بإنتاجها الثقافي.