الشاعر أنطون يرسم ليل العراق

غلاف ديوان ليل واحد في كل المدن
ديوان "ليل واحد في كل المدن" هو الثاني للشاعر والروائي العراقي سنان أنطون
 
حسين جلعاد
 
ليس العراق بلدا مثل أي بلدان العالم، على الأقل بالنسبة لمئات الآلاف وربما الملايين ممن غادروه قسرا، فحملوا ليل البلاد معهم ملحمة طويلة في الحنين والأسى، ولعل الشاعر والروائي العراقي المقيم في نيويورك سنان أنطون واحد من أولئك الذين حملوا نخل العراق إلى منافي الدنيا.
 
يقدم الشاعر أنطون في ديوانه "ليل واحد في كل المدن" الصادر حديثا عن دار الجمل صورة خصوصية عن بغداد التي رحل عنها منذ زمان طويل، لكنها لا تزال بوصلته التي تهدي طريقه، ويمتد الوجع الخصوصي ليعبر عن آلام شعب لوعته الحروب والاحتلال والاقتتال الطائفي.
 
نتكئ على جذع نخلة
احترقت من سنين
لكن ظلها يصر
على أن يؤانسنا
حتى في ليل الغربة
تلوح السعفات مودعة
من شبابيك أغنية قديمة عن النهر
قبل أن تختنق أمواجه
ونحن على ضفة ثالثة
في كل مكان، نراقب الأغنية تغرق..
 
جاء الديوان في 111 صفحة متوسطة القطع، وتوزعت القصائد إلى أقسام ثلاثة هي "ليل واحد"، "معبر"، و"تجاعيد على جبين الريح". ولا يخلو الديوان من الغرائبية وسيريالية التعبير في رسم صور الآلام والفجائع التي عاشها العراق وفق تعبير الناقد اللبناني جورج جحا حيث "يعيش القارئ عالما من الكوابيس مرسوما بدقة وبتنبؤ مرعب".
 
ذات حرب
أخذتُ ريشة مبللة بالموت
رسمت على جدار الحرب نافذة
وفتحتها
بحثا عن غد
أو حمامة
أو لا شيء
لكنني أبصرت حربا أخرى
وأما تنسج كفنا لقتيل
 ما زال في رحمها

 أنطون: يجب ألا ننسى، وكيف لنا أن ننسى والجراح ما زالت تنزف! (الجزيرة نت)
 أنطون: يجب ألا ننسى، وكيف لنا أن ننسى والجراح ما زالت تنزف! (الجزيرة نت)

عنوان وسكن

يكتب الشاعر قصائده في مدن بعيدة كنيويورك أو برلين، لكن الكتابة لها عنوان واحد: بغداد.
 
ويعلل أنطون ذلك في حديث للجزيرة نت بقوله "قد يغادر المرء مدينته لكنها لا تغادره، وتظل تسكنه"، مؤكدا أن بغداد ليست مثل أي مدينة فقد عانت الحروب والحكم الشمولي والحصار ثم الاحتلال الأميركي وأخيرا "النظام الطائفي المقيت".
 
ويضيف "كيف يمكن ألا تئن بغداد في قلبي وأنا أشاهد كل هذا الدمار والخراب والموت كل يوم. عش قلبي على قبة من قباب بغداد وهو يعود إليها كل يوم وينام هناك. أراني أعبر شوارعها وأمشي على أرصفتها حتى وأنا في قارة أخرى". 
 
ويتابع أنطون في حديثه للجزيرة نت أن المرء لا يمكن أن ينسى جراح الأوطان القديمة "فالنسيان ترف قد يتحول إلى عدم مسؤولية". ويوضح "الذاكرة حيز مهم وخصوصا للمثقفين والكتاب والفنانين. يجب ألا ننسى وكيف لنا أن ننسى والجراح ما زالت تنزف. لا أريد أن أعطي فكرة أن الإنسان يجب أن يعيش في الماضي. لكن الحاضر والمستقبل يرتبطان بالماضي. العالم كله وطني وغريب حيثما حللت!".
 
 يذكر أن "ليل واحد في كل المدن" هو الديوان الثاني للشاعر والروائي العراقي سنان أنطون حيث كان قد أصدر ديوانه الأول "موشور مبلل بالحروب"، وكذلك رواية "إعجام" عن دار الآداب عام ٢٠٠٣ التي ترجمت إلى الإنجليزية والألمانية والبرتغالية والنرويجية والإيطالية.
 
كما يستعد أنطون لنشر ترجمة كتاب محمود درويش "في حضرة الغياب" باللغة الإنجليزية عن دار نشر آرشبيليغو في نيويورك التي يعمل أنطون أستاذا مساعدا في إحدى جامعاتها.
المصدر : الجزيرة + رويترز