الكتب القديمة ملاذ فقراء باكستان

مهنة بيع الكتب القديمة في باكستان
مهيوب خضر-راولبندي
 
بيع الكتب القديمة في باكستان مهنة يغلب عليها طابع التوارث بين أفراد أسر بعينها جمعت بين شغف التعلق بالكتب والقراءة وبين التجارة التي تصب في النهاية في مصلحة عدد كبير من طلبة الجامعات وهواة القراءة والباحثين عن المعلومة في كتب تباع على أرصفة الشوارع بأسعار زهيدة في متناول الجميع.
 
ومثل غيرها من المدن الكبرى تعج شوارع مدينة راولبندي المجاورة للعاصمة إسلام آباد في كل يوم أحد بالعشرات من باعة الكتب القديمة الذين ينثرون المئات من الكتب المتنوعة لديهم على أرصفة الشوارع مقابل ضريبة تقدر بـ200 روبية (2.5 دولار أميركي) تدفع للسلطات الرسمية.
 
مهنة متوارثة
عاصم محمود باكستاني في العقد الخامس من عمره امتهن بيع الكتب القديمة أبا عن جد، فمنذ 24 عاما يبيع هذه الكتب في محل يقتنيه على أطراف المدينة.
 
وفي عطلة نهاية الأسبوع تراه يسارع في ساعات الصباح الباكر إلى حجز موقع له على رصيف الشارع الرئيسي في سوق صدر ويبقى في المكان حتى حلول الظلام.
 
undefinedعاصم الذي يبيع كتبا جامعية وشتى أنواع القصص والروايات فضلا عن مجلات التصميم والموضة، يقول إنه يشتري الكتب القديمة من النوع العادي من أصحابها بـ20 روبية للكيلو الواحد (ربع دولار) وإن نسبة الربح التي يضعها على الكتاب الواحد تصل إلى 100% أو أكثر ومع ذلك فإن ما يقوم به عاصم يعد في نظر آخرين خدمة من النوع الثمين.
 
أثناء حديث الجزيرة نت مع عاصم حضر إلى بسطته محمد جنكير وهو طالب كلية الهندسة في جامعة تكسلا ليشتري كتابا يقول إن ثمنه في المكتبات الحديثة يتجاوز 3500 روبية.
 
وعندما عثر جنكير على كتابه المطلوب بين ما يعرضه عاصم وبمبلغ 400 روبية فقط بدت الفرحة جلية على وجهه، ورغم أن الكتاب كان بحالة رثة وتنقصه بعض الصفحات فإن جنكير وصف بسطة عاصم بجنة الفقراء من الطلبة أمثاله.
 
وتتوفر جميع أنواع الكتب على أرصفة الشوارع في سوق صدر بمدينة راولبندي، فالزبون أيا كان عمره أو تخصصه أو طموحه يجد بهذا السوق ضالته فضلا عن توفر فرص ذهبية قد تلوح بالأفق بغير موعد.
 
قيّمة ورخيصة
الموظف الحكومي شودري إقبال الشغوف بقراءة التاريخ يداوم على زيارة بسطات الكتب في سوق صدر كل يوم أحد بحثا عن الجديد والقديم من كتب التاريخ الإسلامي وتاريخ المنطقة والمغول على وجه التحديد.
 
ويقول إنه عثر أكثر من مرة على كتب تاريخية يزيد عمرها عن مئات السنين لا يمكن توافرها في المكتبات الحديثة.
 
بسطات الكتب ملاذ الطلبة (الجزيرة نت)
بسطات الكتب ملاذ الطلبة (الجزيرة نت)

ويخلص إقبال إلى القول إنه في بعض الأوقات يعثر على ثروة وطنية لا تقدر بثمن بين ركام كتب لا يعرف قيمتها إلا القليل من أصحاب الاهتمام وبأسعار زهيدة، في حين هي مصدر رزق لكثيرين.

 
أما خوار علي فيقول أنه ورث مهنة بيع الكتب المستخدمة عن والده الذي مارسها مدة 27 عاما إلا أن كبر سنه يمنعه اليوم من العودة لمزاولتها بشكل طبيعي.
 
وخلال مدة عرض تصل لعشر ساعات يكسب خوار ما معدله ثمانية آلاف روبية (مائة دولار)، ويقول إن والده يحتفظ في المنزل بكتب ذات قيمة تاريخية يرفض بيعها يعود زمنها إلى عصر الحضارة المغولية في المنطقة.
 
وكما تنتشر ظاهرة المعارض المتنقلة لبيع الكتب القديمة، تخصصت محال بعينها في الكثير من الأسواق ببيع هذا النوع من الكتب التي تعتبر ملاذا آمنا لكثيرين ممن لا تسعفهم جيوبهم بشراء الجديد.
المصدر : الجزيرة