فيلم إسباني يلقي الضوء على ظاهرة الهجرة السرية

ملصق الفيلم

ملصق الفيلم (الجزيرة نت)


حسين مجدوبي-مدريد
 
أصبحت الهجرة في إسبانيا من المواضيع ذات الحضور القوي في البلاد من خلال البحث الاجتماعي، وآخر ما وصلت إليه انتقالها إلى مجال الإبداع عبر ظهور روايات ثم إلى مجال الفن السابع، مثل فيلم "العودة إلى حنصلة" لمخرجته الإسبانية تشو غوتيريس.
 
ويعرض الفيلم في القاعات السينمائية في إسبانيا هذه الأيام وهو يعالج مآسي الهجرة السرية في مضيق جبل طارق بين المغرب وإسبانيا، ويزاوج بين السرد السينمائي وتقنية الفيلم الوثائقي للمحافظة على الواقعية في الأحداث.
 
يبدأ الفيلم بلقطة لمهاجرين يغرقون بالقرب من بلدة طريفة في الجانب الإسباني من مضيق جبل طارق بعدما انقلب القارب الذي كان يقلهم، ولجأت المخرجة إلى لقطات ذكية للغاية لتعكس هذه المأساة.
 
ولم تصور المخرجة الشبان المغاربة وهم يغرقون بل اكتفت بلقطة مؤثرة للغاية جسدتها في كاميرا تصور من تحت الماء وهي تبتعد تدريجيا عن سطح البحر لتصل إلى القاع في إشارة رمزية إلى الغرق.
 

لقطة خلال تصوير الفيلم بمشاركة
لقطة خلال تصوير الفيلم بمشاركة

نقل جثة

وتكتشف المهاجرة ليلى (دور جسدته الممثلة المغربية فرح أحمد) المقيمة في مدينة الجزيرة الخضراء على مشارف مضيق جبل طارق أن شقيقها الصغير رشيد من ضمن ضحايا القارب المنكوب، وتنطلق أحداث الفيلم التي تدور حول نقل الجثة لدفنها في قرية حنصلة في إقليم بني ملال وسط المغرب.
 
وهنا تبدأ مفارقات الفيلم، ليلى ترغب في إعادة جثمان شقيقها رغم الثمن المرتفع لنقله من إسبانيا إلى المغرب، وصاحب شركة نقل الأموال مارتين (يجسد الدور لويس غارسيا بيريث) يرى في نقل الجثمان فرصة للحصول على المال لتأدية الضرائب التي تهدد مشروعه بالفشل والمصادرة وكأن المخرجة تطبق مقولة "مصائب قوم عند قوم فوائد".

 
وتبدأ رحلة نقل الجثمان من جنوب إسبانيا إلى وسط المغرب، وهي رحلة تنقل المتفرج من عالم إلى آخر مختلف، من الغرب الذي تجسده إسبانيا إلى المغرب بتقاليده العربية والإسلامية حيث يقف مارتين متسائلا، مندهشا، منبهرا أمام العالم الجديد الذي يكتشفه تدريجيا وتصبح رحلته روحية ومعنوية تجعله يتخلى عن السعر المرتفع الذي طلبه في البدء لنقل الجثمان بعدما اكتشف الواقع المزري لحنصلة.
 

"
تشو غوتييريس: قصة الفيلم واقعية وقرية حنصلة فقدت دفعة واحدة 13 من أبنائها في غرق قارب للهجرة السرية في مضيق جبل طارق، وحاولنا أن ننقل واقع حنصلة بدقة
"

طابع واقعي

وأضفت المخرجة طابعا واقعيا على فيلمها باعتمادها تقنية الفيلم الوثائقي من خلال نشرات الأخبار التلفزيونية الحقيقية التي تتحدث عن غرق القوارب التي توصف بأنها قوارب الموت، ومن خلال التصوير في قرية حنصلة التي فقدت الكثير من أبنائها في الهجرة السرية حتى إن بعض سكان القرية الذين فقدوا أبناءهم شاركوا في بعض المشاهد مثل عملية دفن جثمان رشيد.
 
وتقول المخرجة تشو غوتييريس "قصة الفيلم واقعية وقرية حنصلة فقدت دفعة واحدة 13 من أبنائها في غرق قارب للهجرة السرية في مضيق جبل طارق، وحاولنا أن ننقل واقع حنصلة بدقة، وقد كان فريق التصوير صغيرا وهو ما ساعدنا على الغوص في أعماق العلاقات الاجتماعية في قرية حنصلة حيث خصلة التضامن التي نفتقدها في الغرب هي عماد الحياة في منطقة فقيرة ومهمشة".
 
ووضع الموسيقى التصويرية للفيلم الفنان المغربي سهيل السرغيني المقيم في إسبانيا ونجح في إعطاء لمسة إبداعية من خلال تأليف موسيقى واكبت الأحداث الدرامية للشريط.
 
وهناك من يعتقد أن خلل الفيلم هو عدم اعتماد المخرجة على مغاربة في كتابة السيناريو حيث تكلفت به رفقة إسباني آخر رغم أن معظم أحداثه تدور في المغرب، لكن هذا لا يمنع من أن "العودة إلى حنصلة" صرخة ضد موقف العالم الذي يتفرج على المآسي اليومية لغرق قوارب في مياه المضيق والبحر الأبيض المتوسط بحثا عن "الفردوس الأوروبي".

المصدر : الجزيرة