إصلاح السجناء عبر المسرح في لبنان

مسرحية في سجن رومية - مشاهد من المسرحية - الجزيرة نت
المسرحية في سجن رومية تهدف لكسر الحاجز بين السجين والمجتمع (الجزيرة نت)
نقولا طعمة-سجن رومية
 
تحول سجن رومية اللبناني دارا للعرض المسرحي، وغدا العشرات من نزلائه، الذين تصفهم السلطات بأخطر سجناء البلاد، فنانين وممثلين وقفوا على خشبة المسرح لأداء أدوار متقنة، في مسرحية درامية تحكي قصتهم في "12 لبنانيا غاضبا".
 
على مدى عام كامل تحول سجن رومية -الذي يقطنه 4000 سجين ويضم أكبر الأحكام القضائية- إلى ورشة عمل فنية وثقافية وفكرية توج بأداء 45 سجينا من لبنان والعراق ومصر وسوريا وبنغلاديش، هذه المسرحية كل سبت حتى نهاية مارس/ آذار المقبل، في قاعة بالسجن حوّلت خصيصا للعرض.
 
وقد أعدت المسرحية وأخرجتها الفنّانة اللبنانيّة زينة دكّاش، اقتباسا عن مؤلف (اثنا عشر رجلا غاضبا-1953)  للأميركي ريجينالد روز (1925-2002).
 
وحصل على تمويل هذه المشروع -الذي تديره دكاش- جمعية الدفاع عن الحقوق والحريات "عدل" من الاتحاد الأوروبي ضمن برنامج "أفكار 2" بإدارة مكتب وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية، وبمساهمة جمعية كثارسيس -المركز اللبناني للعلاج بالدراما- التي أسستها دكاش.
 

غلاف البروشور عن المسرحية (الجزيرة نت)
غلاف البروشور عن المسرحية (الجزيرة نت)

الفكرة والعرض


وتشير الفكرة إلى أن المجرم قد يكون ضحيّة في بعض الأحيان، مع احتمال براءته أو شفائه مما أوصله للجريمة. كما أن المجتمع يتحمل جزءا من مسؤولية جريمته.
 
وتقول دكاش للجزيرة نت إن "الهدف هو إصلاح السجين، وكسر الحاجز بينه وبين المجتمع لعل النظرة للسجين تختلف".
 
تتم المسرحية عبر عملية مركبة تتوزعها مونولوغات وأغان تفصل بين أدوار قصة تتمحور حول اجتماع 12 محلفا، هم الغاضبون، يتباحثون في الحكم على فتى متهم بقتل أبيه بالسكين، ولم يكن بينهم سوى واحد يعد الفتى بريئا.
 
تتطور النقاشات والصراعات، وتتراوح بين الحوار الهادئ حينا والمنفعل أكثر الأحيان، وبين الجلسة والأخرى يتساقط المتهِمون ويتزايد المبرئون، حتى تبرئة الفتى بالإجماع.  
 
وتعلق دكاش على ذلك بالقول "لو لم يشعروا بالتوبة لما نجحوا في العرض، كما أنهم وضعوا الأغاني والمونولوغات دون أن يجبرهم أحد على ذلك".
 
وتستدرك قائلة "الهدف ليس مقولة مساجين تائبين، بل ما هي الفرصة التي نعطيها للسجين لإصلاحه؟ ليس هدفنا أن نقول إنهم صحوا فأخرجوهم، بل أن يكون السجين صالحا قدر المستطاع بعد خروجه".
 
في صالة العرض مدرجان متقابلان يتسعان لـ120 شخصا، ثبتا على جداريها الطويلين، والجانبان القصيران للصالة كواليس، إحداها للممثلين، والثانية لفرقة الإنشاد الثمانية واضعة الكلمات.أما الفسحة الوسطية التي لا تزيد على أربعة أمتار عرضا فشكلت "خشبة" العرض.
 

مشهد من المسرحية في سجن رومية (الجزيرة نت)
مشهد من المسرحية في سجن رومية (الجزيرة نت)

السجناء الممثلون

في الحديث مع السجناء الممثلين، وجهوا دعوات لإنصافهم لأنهم أناس كالآخرين. يقول المهاجر (مدان بقتل)، ملحّن أغاني المسرحية، للجزيرة نت "كنت مشاغبا على الدوام. علمتني المسرحية أن أكون صبورا وآخذ قراراتي بروية".
 
ويطالب سجين لم يذكر اسمه (مدان بمخدرات)، بتعديل قانون تخفيف العقوبة عبر المادة 463. ويشبه تأثير المسرحية عليه بأغنية ماجدة الرومي "أقامتنا من تحت الردم".
 
مالك البردي (مدان بقتل) قال "عرفتني المسرحية على كثير من الناس، شعرت أنني لست سجينا، أخاف من نهايتها فأعود من جديد لحالة السجن".
 
ويقول يوسف شنكر (منذ 18 سنة في السجن) أحد أعضاء لجنة التحكيم في المسرحية "عسى أن يساعدني الدور على الدفاع عن الحق".
 
ويعترض علي زعيتر (خمس سنوات مخدرات) على النظرة العامة تجاه السجين "المسرحية لم تكن لنضحك بل لتوجيه رسالة عن ظلامتنا".
 
وتمنى علي سبليني أن "يتفق من في الخارج كما اتفقنا كسجناء من مختلف الأجناس والألوان والبلدان في المسرحية".
 
وقال عبد الرحمن الملا من بنغلاديش (مدان بقتل) "أوصلت رسالة بأن يغير الناس والدولة النظرة لنا".  
المصدر : الجزيرة