"ثقافة من أجل الوطن" يدعو لمواجهة ثقافة الاحتلال بالعراق

المحاضر محمود السامرائي وإلى جانبه قحطان سامي مدير الجلسة(للجزيرة نت).

البنية الثقافية العراقية وأثر الأميركان فيها على مائدة البحث والنقاش بنينوى (للجزيرة نت)

أنور النوري-الموصل

كيف أثرت الولايات المتحدة في البنية الثقافية العراقية طوال السنوات الخمس الماضية؟ وكيف يمكن التصدي فكريا وثقافيا لما يمكن أن يحدث من أثر سلبي قد لحق بهذه البنية.

الجزيرة نت سألت بعض المثقفين والأكاديميين العراقيين على هامش احتفال عقد بمناسبة بداية فعاليات الموسم الثقافي لمجلس الثقافة والفنون بمحافظة نينوى، وكان الموسم قد اتخذ "ثقافة من أجل الوطن" شعارا له.

زرع المفاهيم 

"
موفق ويسي: استخدم المحتل صحفا وإذاعات وفضائيات ومؤتمرات ومنظمات وكتابا لنشر مفاهيمه التي تخدم مصالحه وتؤسس لتعزيزها في العراق
"

قال رئيس قسم الاجتماع بجامعة الموصل د. موفق ويسي إن تفتيت المجتمع العراقي وتغيير بنيته الثقافية كان الهدف الأساسي الذي عمل عليه المحتل الأميركي منذ اليوم الأول لدخوله البلاد.

وأشار ويسي إلى أن الوسيلة التي اتبعها المحتل كانت "زرع المفاهيم" التي تخدم مصالحه.

وأضاف: استخدم المحتل لذلك صحفا وإذاعات وفضائيات ومؤتمرات ومنظمات وكتابا "مأجورين ومثقفين جائعين وهواة طموحين ودخلاء مستعرقين".

وأكد ويسي في حديثه للجزيرة نت أن بعض الكتاب والفنانين "أشهروا أقلاما وأفلاما بوجه العراقيين بغرض تغيير عمق الذاكرة والبصيرة".

أما عضو هيئة التدريس بجامعة الموصل د. وعد الأمير فقد نظر إلى تأثير الوجود الأميركي على البنية الثقافية من منظور "تنوع المفاهيم" التي حاول من خلالها تمهيد البيئة لقبوله.

وعن هذه المفاهيم، قال الأمير للجزيرة نت إن المحتل جاء بمفاهيم من قبيل ثقافة السلام والتسامح وقبول الآخر كنوع من التمهيد لقبول فكرة الاحتلال ثم لقبول العراقيين بعضهم البعض بعد التقسيم الطائفي العرقي.

وألمح إلى أنه بعد أن استخدم هذه المفاهيم في المرحلة الأولى التجأ إلى مفاهيم جديدة مثل الديمقراطية والعراق الجديد والفدرالية، ومنها انتقل إلى مفاهيم فرعية تمثلت في الانتخابات الحرة ومشاركة المرأة، والأقاليم، والإرهاب، والعنف..، في محاولة لقبول التغييرات التي تحاول تقسيم العراق إلى فدراليات ثلاث.

كما تهدف أيضا -والكلام للأمير- إلى عزل الأفكار المعارضة لهذه المفاهيم وتصنيف المقاومة الفعلية في خانة الإرهاب والجماعات المسلحة، وخلطها مع عمليات العنف "المجهولة التنظيم" وربطها بالقاعدة مهما كان شكلها أو هدفها.

"
المقاومة الثقافية كما يراها خليل الخالدي تتمثل في تشخيص مخاطر سياسة الاحتلال الرامية إلى تغيير هوية العراق والتشبث بالموروث الثقافي العربي الإسلامي
"

ثقافة المقاومة 
وعن كيفية الرد على تلك الثقافة والتصدي لها، قال عضو هيئة التدريس بالجامعة خليل الخالدي إن هذا يتم عبر تشخيص مخاطر سياسة الاحتلال الرامية إلى تغيير هوية البلد وثقافته العربية الإسلامية تحت أهداف وأجندات متباينة.

ودعا الخالدي إلى التشبث بالموروث الثقافي العربي الإسلامي مع الوعي الكامل بالفلسفات الغربية المطروحة، ومجابهتها عبر التحليل والتوصيف من أجل الخروج من هذا المأزق المعرفي.

واتفق الكاتب فارس عزيز المدرس مع الخالدي في وجهة نظره لأساليب المقاومة الثقافية، وقال إن أخطر ما يمكن أن ينجم عن الاحتلال على المستوى الثقافي هو زعزعة الخصوصية وانتفاء عنصر الانتماء التاريخي.

واستشهد المدرس بالرؤية الأخيرة التي قدمها المفكر الأميركي فرنسيس فوكوياما في كتابه "بناء الدولة" وهو ينظّر لأطر الهيمنة الأميركية بثوب العولمة، وما يليها من إجراءات خطيرة منها الخصخصة وتهميش مركزية الدولة وإحلال ما يسمى مؤسسات المجتمع المدني محلها.

واختتم حديثه بالقول إن أفكار فوكوياما لا تطال العراق فقط، بل يتم العمل على تطبيقها في غالب البلدان العربية والإسلامية وبمستويات مختلفة.

المصدر : الجزيرة