الحروفية وازدهارها محور مداولات منتدى الفنون البصرية

الحروفية بين الماضي والمستقبل

الحروفية بين الماضي والمستقبل موضوع ندوة مركز الفنون البصرية (الجزيرة نت)

محمد العلي-الدوحة

احتلت الحروفية أو ما يسمى أيضا بالمرسوم الخطي، الحيز الأوسع من مداولات الندوة الثانية لملتقى الفنون البصرية السادس الذي يعقد في إطار فعاليات مهرجان الدوحة الثقافي السابع.

والحروفية هي تيار في الفن التشكيلي العربي ظهر في أربعينيات القرن الماضي ويقوم على توظيف الخط أو الكلمات العربية في رسوم تشكيلية، وهو فن شهد ازدهارا كبيرا في غير بلد في المشرق والمغرب والسودان ومصر.

أول المتحدثين في الندوة كان الفنان السوري المقيم في الشارقة طلال معلا حيث قال في مداخلته إن اللبناني شربل داغر أول من حاول في كتاب أصدره مطلع تسعينيات القرن الماضي توصيف هذا الفن الذي لم يتم التوصل إلى مسمى محدد له.

ولخص معلا ورقته المعنونة بـ"الرسومات الخطية الجوهر والواقع" بالقول إن الذين أنجزوا أعمالا فنية من هذا النوع أنجزوها في فترة كانت نقطة فارقة في التشكيل العربي، مضيفا أن هذه الفترة شهدت أيضا حضورا قويا للعنصر الأكاديمي في فرز المشهد التشكيلي.

واعتبر معلا أن من إيجابيات ذلك أن المرور بالتأهيل الأكاديمي كان جواز سفر الفنان إلى المتاحف والصالات، ومن سلبياته أن المرسوم الخطي كان من منظور الهوية هو شكل من أشكال التعامل مع الماضي.

الحروفية ازدهرت خلال فترة ازدهار قضية الهوية والاستقلال عن المستعمر (الجزيرة نت) 
الحروفية ازدهرت خلال فترة ازدهار قضية الهوية والاستقلال عن المستعمر (الجزيرة نت) 

الحروفية والهوية
وعقبت مديرة الجلسة الدكتورة أمل نصر على كلام معلا بالقول إن ازدهار الحروفية في الفترة التي ازدهرت فيها الهوية والقومية يبعث على الحذر لأن ازدهار شكل فني ما في فترة ما بسبب اتفاقه مع الأيديولوجيا السائدة يعني أن الأضواء ستزول عنه بعد انحسارها.

من جهته قال العميد السابق لكلية الفنون في جامعة القاهرة الدكتور صبري منصور إنه سينطلق في حديثه من آخر جملة لمعلا وهي أن الحروفية ظاهرة تحتاج إلى إعادة نظر ودراسة باعتبارها لم تقتصر على بلد بعينه بل اكتسحت صالات العرض في المشرق والمغرب.

واعتبر أن سبب هذا الازدهار عاملان أساسيان هما الدعوة إلى التحرر الوطني والبحث عن الذات سياسيا واجتماعيا. وقال إن ذلك دفع الفنانين إلى البحث عن مخرج لمواكبة التحول السياسي والفني، مضيفا أن ذلك ترافق مع سيطرة المذهب التجريدي على العالم كله.

واعتبر منصور كذلك أن من أسباب انتشار الفن أن بعض الفنانين السلفيي النزعة استهواهم هذا الفن لأنه يبعدهم عن التحريم ولأنه يستهوي الجمهور، مضيفا أن أصحاب الثروات العرب والأوروبيين الباحثين عن النكهة السياحية ساهموا في ترويجه.

وشارك الشاعر شربل داغر الذي كان حاضرا في بعض مداولات الجلسة حيث قال إن سوء الفهم الذي أصاب الحروفية جاء جراء ربطها بالقومية. وأوضح أن جمال عبد الناصر لم ينتج الحروفية في مصر وأن حزب البعث لم يروج لها مضيفا أن أكثر البلدان التي عرفت فيها الحروفية تبلورا كانت دول المغرب.

شربل داغر: عبد الناصر والبعث ليسا وراء انتشار الحروفية (الجزيرة نت)
شربل داغر: عبد الناصر والبعث ليسا وراء انتشار الحروفية (الجزيرة نت)

ودعا داغر إلى الحديث عن اقتران الحروفية بالطفرة النفطية مؤكدا أن الرابط بينهما يحتاج إلى تحليل.

العمارة الإسلامية
من جانبه تحدث الباحث القطري محمد البلوشي في الندوة عن إشكالية الحفاظ على تراث العمارة الإسلامية.

وتطرق في مداخلته إلى دوافع الحفاظ على العمارة الإسلامية والإشكاليات المرافقة لها خصوصا في جانب الكلفة الاقتصادية العالية في دول تفتقر إلى الموارد.

وبعد أن تطرق البلوشي إلى طرق وأساليب الحفاظ على العمارة الإسلامية من جهة الترميم وإعادة الإحياء والاستخدام قدم توصيات لتحقيق الأمر بينها إقرار نظم وتشريعات ملائمة وإنشاء مراكز متخصصة والحد من التلوث والتوعية بالتراث وأهميته. وقال إن العمارة الإسلامية كانت دائما الصورة الصادقة المعبرة عن حضارة الإنسان المسلم.

المصدر : الجزيرة