الثورة الرقمية تمتد للأدب وتطرح عليه إشكاليات جديدة

جانب من الندوة (- أكد سناجلة (يسار) ضرورة البحث عن مسمي أدبي جديد لأدب العصر الرقمي

محمد سناجلة (يسار) يدعو للبحث عن مسمى جديد لأدب العصر الرقمي (الجزيرة نت)

شرين يونس-أبو ظبي

يبدو أن التطورات التقنية والرقمية التي طالت مناحي كثيرة من حياة الإنسان امتدت إلى الأدب بشكل يدعو لإعادة النظر في نظريته وأجناسه التعبيرية وأشكال تلقيه وتداوله.

وقد كان هذا الإشكال موضوع محاضرة بأبو طبي لرئيس اتحاد كتاب الإنترنت محمد سناجلة تناول فيها نظريا وتطبيقيا وضع الجنس الروائي ونقده في ظل التطورات الرقمية.

وعن تأثر الأدب بالتطورات الرقمية، قال سناجلة إن العالم يحتاج إلى أدب جديد للتعبير عن اللحظات التاريخية لتحول الإنسان من كينونته الواقعية الأولى إلى كينونته الافتراضية.

وبخصوص تسمية الأدب الذي صاحب الثورة الرقمية، قال سناجلة -وهو روائي أردني- إن إطلاق مسمي "الأدب الكلاسيكي الرقمي" جاء نتيجة للحيرة التي وقع فيها النقاد والأدباء لتسمية ما أفرزه هذا العصر من أشكال أدبية جديدة دفعت بهم إلى إطلاق المسميات التقليدية القديمة عليها، فظهرت "الرواية الرقمية والمسرح الرقمي والشعر الرقمي".

"
محمد سناجلة: كاتب العصر الرقمي لا يحتاج للموهبة الأدبية فقط وإنما لا بد له من الإلمام بمختلف تقنيات وبرامج الحاسوب
"

خصائص وأجناس
وشرح سناجلة خصائص الرواية الرقمية بأنها رواية تستعين بكل أدوات العصر الرقمي من برامج وتقنيات، حيث أصبحت الكلمة مجرد جزء من العمل الروائي، بل قد تهمش تماما كما حدث في الفصل الأخير لروايته "شات وصقيع" حيث اكتفي الكاتب بفقرتين فقط.

وفي الرواية الرقمية لم تعد الكتابة أفقية خطية فقط، بل تعددت أبعادها وروابطها باستخدامها المكثف للنظريات الرياضية والقوانين العلمية، مستشهدا باستخدام قوانين التفاضل والتكامل في البنية السردية لروايته "ظلال الواحد".

وهكذا يرى سناجلة أن كاتب العصر الرقمي لا يحتاج للموهبة الأدبية فقط، وإنما لا بد له من الإلمام بمختلف تقنيات وبرامج الحاسوب.

وقسم سناجلة الرواية الكلاسيكية الرقمية إلى ثلاثة أنواع، أولها الترابطية وهي التي تتميز بكثرة الروابط (الهايبر تكست) التي تمنح أبعادا عدة لخدمة النص الأدبي، كما أن لها كاتبا واحدا فقط هو الذي يتحكم في مسارها.

والنوع الثاني هو الرواية التفاعلية التي تختلف عن سابقتها بأن لها أكثر من كاتب وتتيح للقارئ مساحة للإدلاء برؤيته في الرواية ومسارها.

وأطلق سناجلة مسمى "الرواية الواقعية الرقمية" على النوع الثالث باعتبارها تعبيرا خالصا عن المجتمع الرقمي بجميع مكوناته الافتراضية.

وحاول تطبيق ما قدمه من تصورات، وعرض مقتطفات من روايته "شات وصقيع" امتزج فيها السرد مع الموسيقي والرؤية السينمائية والمسرحية بالاستعانة بمؤثرات الوسائط المتعددة والبرامج التقنية الجيدة.

"
محمد سناجلة: الأدب الرقمي يقرأ ويسمع ويشاهد وتمتزج فيه مختلف الأشكال التعبيرية
"

أدب متعدد
وأكد سناجلة في نهاية عرضه التطبيقي أن الأدب الرقمي هو أدب يقرأ ويسمع ويشاهد وتمتزج فيه مختلف الأشكال الأدبية ويحتاج بالتالي لتقعيد نظري يواكبه ويرسي قواعده.

ورغم بدء ظهور هذا النوع من الأدب منذ سنوات وبدء تدريسه بمختلف الجامعات الأميركية، فإن سناجلة يرى أنه لا يزال أمامنا حولي عقدين أو ثلاثة عقود للتحول الكامل للكتابة الرقمية.

وأثارت الندوة مجموعة من المخاوف، منها ما قد يفرضه هذا الأدب الجديد من تراجع لمكانة الكاتب وتشتت انتباه القارئ نظرا لكثرة استخدام التقنيات والروابط.

ويقول سناجلة تلك المخاوف بأنها "موجودة ومشروعة"، لكنه يدعو للتغلب عليها لأننا "أمام عملية تطوير تفرض علينا الإلمام بالعديد من الأدوات شئنا أم أبينا".

المصدر : الجزيرة