مثقفو مدينة شفشاون المغربية ينقلونها إلى العالمية

الجزيرة نت: درب من دروب المدينة العتيقة بشفشاون- الحسن السرات- المغرب

درب من دروب المدينة العتيقة بشفشاون (الجزيرة نت)

الحسن السرات-المغرب

رغم صغر حجمها وحصار جبال الريف لها أكدت مدينة شفشاون المغربية حضورها في الماضي والحاضر في كل من المغرب وإسبانيا. وإذا كان الحضور في الماضي قد تجلى في الجهاد والإمارة، فإن الحضور الحالي عبر عن نفسه في العبارة والإشارة.

فمدينة شفشاون الواقعة شمال المغرب قريبة من ساحل البحر الأبيض المتوسط وساحل المحيط الأطلسي، وهي في الوقت نفسه قريبة من أوروبا ومن جبل طارق. عرفت منذ القدم وتوالت عليها هجرات من مختلف الأجناس والأديان من فينيقيين ورومان وعرب وأندلسيين مسلمين ويهود. واحتلها الإسبان في موجة الاستعمار الغربي الحديث.

وبرزت شفشاون في تاريخ المغرب عندما أصبحت إمارة قوية مستقلة نوعا ما عن السلطة المركزية في عهد أسرة بني راشد المنحدرين من الشيخ الأكبر عبد السلام بن مشيش العلمي، المنحدر بدوره من الأدارسة، واستمرت إمارتها على يد الأمير علي بن راشد مؤسس المدينة مدة 40 عاما.

وعرفت شفشاون أيضا السيدة الحرة التي حكمت مدينة تطوان مدة 30 عاما، وتزوجها الحاكم المركزي أمير الوطاسيين الذين حكموا المغرب قبل مجيء السعديين والعلويين. كما عرفت لائحة طويلة من الأمراء والعلماء والفقهاء والقضاة والزهاد ورجال التصوف على رأسهم الشيخ أبو الحسن الشاذلي والشيخ أبو محمد عبد الله الهبطي.

الإسبان اشتروا 600 منزل بشفشاون للسياحة والتجارة وأشياء أخرى (الجزيرة نت)
الإسبان اشتروا 600 منزل بشفشاون للسياحة والتجارة وأشياء أخرى (الجزيرة نت)

عودة الإسبان
حاليا تعتبر شفشاون من أهم المراكز السياحية والثقافية بالمغرب. ولجمالها وسحرها شهدت المدينة عودة قوية للإسبان تجلت في شرائهم لحوالي 600 بيت لأغراض السياحة والتجارة وأشياء أخرى، حسب ما أوضحه للجزيرة نت الدكتور محمد جبرون الحاصل على دكتوراه في التاريخ وأحد الوجوه الثقافية بالمدينة. وأثناء الزيارة الملكية الأخيرة لها استقبل ملك المغرب 23 فنانا وشاعرا، كما أنها تنظم ومنذ سبعة أعوام مهرجانا للشعر الوطني.

شاعر وفنان
ومن أبرز الوجوه الثقافية بالمدينة ذات الأربعين ألف نسمة، شاعر وفنان تشكيلي استطاعا نقل المدينة من المحلية إلى العالمية بأعمالهما الفردية والمشتركة.

الأول هو الشاعر المغربي الفصيح عبد الكريم الطبال المولود بشفشاون عام 1931 الذي صدرت له عدة دواوين معظمها في مدينة شفشاون، وحصل على جوائز وطنية مغربية وإسبانية مثل جائزة ابن الخطيب مرتين من بلدية مونيكار الإسبانية سنتي 1993 و2001، وجائزة "تشيكايا" للشعر الأفريقي بمنتدى أصيلة سنة 2004.

الطبال قال للجزيرة نت إنه يعتبر نفسه شاعرا مناضلا ضد الزيف وصوفيا بمعنى ما قارئا مستمرا لرجال التصوف. كما يعتبر نفسه شاعرا غاضبا وساخطا، تحتل شفشاون كل ذرة من كيانه.

والثاني هو محمد حقون الفنان التشكيلي المولود عام 1946، وهو من أصول عربية أندلسية.

تحتل شفشاون جميع موضوعات حقون، ومن فرط انشغاله هذه المدينة جمع لها 14 ألف صورة تذكارية منذ بدء انشغاله بالفن، وعرض كل لوحاته في شفشاون من بين المدن المغربية، وفي 9 مدن إسبانية، كقرطبة وبرشلونة تحت رعاية الحكومات المحلية والمركزية الإسبانية وجل همه تأكيد حضورها وجمالها للقريب والبعيد.

المصدر : الجزيرة