الخيام في مرائي حيرته المضنية في مؤتمر بالدوحة

-
تستضيف جامعة قطر حاليا مؤتمرا دوليا إحياء لذكرى الشاعر الحكيم عمر الخيام النيسابوري، يحاضر فيه أساتذة جامعيون وباحثون متخصصون من إيران وطاجكستان وبنغلاديش ولبنان والأردن والإمارات وقطر.
 
وقد افتتح المؤتمر الأربعاء 15 مارس/ آذار الجاري لينتهي اليوم، واشتملت فعاليات اليوم الأول على جلستين، الأولى صباحية تناولت "بيئة الخيام والعصر الذي عاش فيه" و"الشخصية الخيامية" من خلال خمس محاضرات، قدم المحاضرة الأولى الدكتور جواد روحاني نجاد بعنوان "إطلالة على الأوضاع الثقافية والاجتماعية في عصر الخيام" ألقى فيها الضوء بشكل إجمالي على البيئة والظروف الاجتماعية التي أحاطت بالخيام دارسا دوره في الوقائع والأحداث والتطورات العلمية أنذاك.
 
وأكد نجاد أن فترة ظهور الشاعر كانت فترة عصيبة من حكم السلاجقة الذين اتبعوا -حسب قوله- سياسة قائمة على التعصب المذهبي والتناحر الطائفي لم تشهد مثيلا إلا في العهد الصفوي، ما أدى إلى جدل كبير وصدامات دامية راح ضحيتها كثيرون.

"
كثر مترجمو الرباعيات العرب كثرة بالغة وتعدد من تحدثوا عن الخيام محاولين تقديم صورة قريبة في اعتقادهم إلى صورته الحقيقية
"
 
وفي المحاضرة تحدث الأستاذ الدكتور عيسى علي العاكوب رئيس قسم اللغة العربية بجامعة قطر في دراسة بعنوان "وجه لثلاث مراءٍ: الخيام كما قرأه البستاني ورامي والعريض"، أشار فيها إلى أن الأدب العربي الحديث انشغل بالخيام ورباعيته، "فكثر مترجمو الرباعيات العرب كثرة بالغة وتعدد من تحدثوا عن الخيام محاولين تقديم صورة قريبة في اعتقادهم إلى صورته الحقيقية".
 

وقدم العاكوب قراءة لثلاثة تصورات لشخصية الخيام، قدمها ثلاثة من الشعراء العرب الكبار ترجموا رباعيات الخيام إلى العربية في الشطر الأول من القرن الـ20، هم وديع البستاني وأحمد رامي وإبراهيم العريض، محاولا كشف بواعثهم في الترجمة وسعيهم الجاد لكشف الخيوط الرئيسة المشكلة لنسيج شخصية الخيام واستخدامهم المعطى التاريخي في حياته والروح الذي صورته رباعيته.

 
وكانت المحاضرة الثالثة من الجلسة الصباحية بعنوان "صورة الخيام في شعره المنظوم بالعربية" تحدث فيها الدكتور يوسف بكار من الأردن قائلا إن الخيام كان من ذوي اللسانين بإتقانه اللغة العربية التي تعلم بها وعلم وحاور عددا من علماء عصره وناظرهم وأجاب عن أسئلتهم وكتب بها جل مؤلفاته العلمية والفلسفية كما ترجم منها خطبة التوحيد لابن سينا إلى الفارسية ونظم بها الشعر وإن كان قليلا, حسب قوله.

"
سعى البعض إلى الحكم على الخيام من خلال نسبة بعض القصائد الخاطئة إليه بأوصاف كثيرة منها الكفر والإلحاد وبمذهب اللذة واللاأدرية والتناسخ والتصوف
"
 
وأضاف أن "شعر الخيام العربي وما ينداح في آثار العربية -لا سيما الرسائل الفلسفية ومقدمات الرسائل العلمية وفي ما تناقلته مصادر التراث العربي من روايات وأخبار عن علمه وأخلاقه الحميدة وتدينه وبرمه وشكواه من مثالب عصره- جميعها هي التي تمثل الخيام الأقرب إلى الحقيقة والواقع مما تفوح به الأعداد الكثيرة من الرباعيات التي لا يعرف عددها الصحيح والثابت بالنسبة إليه منها".
 
وأوضح بكار أن كثيرين نسبوا إلى الشاعر الكثير من الرباعيات دون التحقق والسؤال عنها ما سعى بالبعض إلى الحكم على الخيام من خلال تلك النسبة الخاطئة بأوصاف كثيرة منها الكفر والإلحاد وبمذهب اللذة واللاأدرية والتناسخ والتصوف.
 
وتناولت المحاضرة الرابعة للدكتور أمير أكبري من إيران الجانب الرياضي والفلكي للشاعر عمر الخيام ودروه في إعداد التقويم الذي عرف فيما بعد بالتقويم الجلالي, كما تناولت المحاضرة الأخيرة في الجلسة الصباحية "الخيام والمعري بين التشاؤم والتفاؤل" أعقبتها ردود ومناقشات من الحضور على ما قدم من دراسات وأبحاث.
 
رباعيات الخيام في الفكر واللغة
أما الجلسة الثانية فقد كانت مسائية تحت عنوان "رباعيات الخيام في الفكر واللغة" وضمت هي الأخرى خمس محاضرات تناولت الأولى "الخيام من الخلوة إلى الجلوة"، حاول فيها الباحث الوقوف على معايير دقيقة لفهم معتقدات الخيام ومراميه البعيدة وتسليط الضوء على محتويات كتبه خاصة كتابه "الكون والتكليف".
 
وعنيت المحاضرة الثانية برباعيات الخيام في الدرس الدلالي، والثالثة جاءت عن تأثير الثقافة والفكر في الصورة الفنية عند الخيام وهي للدكتورة القطرية مريم النعيمي.
 
واختتمت الجلسة بدراستين الأولى عن رباعيات الخيام في آفاق اللغة والفكر للدكتور محمد تقوي، والأخيرة عن تحليقات الخيام في آفاق العقل والشعر للدكتورة راوية الفقي وهما من إيران.
 
يذكر أن فعاليات المؤتمر الذي تنظمه جامعة قطر بالتعاون مع المركز الثقافي الإيراني بالدوحة واليونسكو تتناول اليوم الخميس عدة محاور جديدة، من أهمها "ترجمة الرباعيات في ميزان النقد" و"تأثير الفكر الخيامي في آداب العالم" وقضايا أخرى.

_____________
المصدر : الجزيرة