الكوميديا السوداء.. أداة السينما المصرية لمواجهة أميركا

السينما المصرية
 
يبدو أن موسم أفلام الصيف في السينما المصرية سيكون موسما ساخنا حيث قرر الفنانون المصريون أن يقوموا بما لم تستطع الأنظمة العربية أن تقوم به من مواجهة  الهيمنة الأميركية، حيث تترقب الساحة السينمائية المصرية هذا الموسم ظهور العديد من الأفلام التي تتناول القضايا السياسية الراهنة فى منطقة الشرق الأوسط ورفض الأطروحات الأميركية على الدول العربية.
 
وأرجع نقاد السينما ظهور هذه الموجه الجديدة من الأفلام لحالة الغضب العربي من الهيمنة الأميركية والإسرائيلية على المنطقة والتي أحدثت انقلابا في فكر منتجي الأفلام السينمائية المصرية فبعد أن كان الاهتمام الأكبر بالأفلام الفكاهية وحجم الإيرادات، اتجهت الأفلام لمناقشة أوجاع الأمة.
 
ويأتى في مقدمة هذه الأفلام فيلم "معلش إحنا بنتبهدل" الذى يعد أول فيلم مصري ينتقد  شخصية الرئيس الأميركى جورج بوش التي يجسدها الممثل الأميركى "ديفد برنت"، ويتناول الفيلم شخصية القرموطي وهي شخصية هزلية كوميدية لفلاح مصري يضطر للسفر إلى العراق للبحث عن ابنه "القرموطى الصغير" الذي سافر هناك  للبحث عن عمل لكن اندلاع الحرب الأميركية على العراق أدى إلى انقطاع الاتصالات بين الأب وابنه.
 
ولأن شخصية القرموطي، التي يؤديها الممثل أحمد آدم تتميز بالكذب وادعاء أنه على علاقة بكبار القوم وبالكثير من الشخصيات العالمية مثل الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان وبرئيس الوزراء البريطاني توني بلير وبالرئيس بوش فهو يتعرض في العراق لمواقف كوميدية مع قوات الاحتلال خاصة عندما يدعي أن له علاقة شخصية مع الرئيس الأميركي الذي يسمع بذلك فيستدعيه إلى البيت الأبيض، لتكتمل المواقف الكوميدية بسخرية القرموطي من بوش وحكومته وحصول مواقف أخرى طريفة له في البيت الأبيض وهي سخرية تنطوي على نقد لاذع للسياسة الأميركية.
 
undefined
السفارة في العمارة
أما فيلم "السفارة في العمارة" للفنان عادل إمام فيجسد الرفض الشعبي للتطبيع مع إسرائيل حيث يجسد عادل إمام دور مغترب في دولة الإمارات يعود إلى مصر ليجد أن السفارة الإسرائيلية تجاور شقته التي ورثها عن والديه، وخلال ذلك يتعرض للمواقف المختلفة بين المطبعين والمعارضين ضمن مفارقات كوميدية ضاحكة بينها أن فتاة ليل ترفض أن تذهب مع بطل الفيلم إلى شقة مجاورة للسفارة الإسرائيلية من منطلق  وطني.
 
ويعد فيلم  "ليلة سقوط بغداد" أول فيلم عربي يناقش القضية العراقية وأثر الاحتلال الأجنبي للعراق على الشعوب العربية من خلال رد فعل أسرة مصرية تجاه احتلال العراق من خلال مشاهد ليلة سقوط العاصمة العراقية بغداد، وسيطرة الخوف عليهم من أحداث المستقبل التي قد توقعهم فيما يعيش فيه الشعب العراقي من خلال مزج السياسة بالكوميديا، ويقوم بدور البطولة في الفيلم النجم حسن حسني.
 
الناقد السينمائي لويس جريس قال إن من  حق صانعي السينما في الدول العربية أن يرفضوا وينتقدوا الهيمنة الأميركية على بلادهم وما تعانيه هذه الدول من قهر هذه السياسة، مشيرا إلى أن التركيز على الربح الذي سيطر على صانعي السينما خلال الفترات الماضية أمات السينما المصرية وأفقدها العديد من أدواتها التي كانت تعد أهم مورد مصري خلال الستينات من القرن الماضي.
 
وقال جريس في تصريح للجزيرة نت "كفانا أفلاما محلية" في إشارة إلى استغراق السينما المصرية في قضايا مصرية محلية لاتجد صدى في الشارع العربي، مؤكدا أن مناقشة الهيمنة الأميركية والإسرائيلية تلبى رغبات الشارع المصري والعربي وتقدم بديلا لمواقف الحكومات العربية المتخاذلة لنصرة هذه القضايا.
 
من جانبه قال الناقد السينمائي مصطفى درويش للجزيرة نت إن موجة الأفلام السياسية تعبر عن الواقع الذى تعيشه الشعوب العربية في الفترة الحالية خاصة فى ظل ما تتشدق به أميركا من حديث عن تطبيق ديمقراطية أميركية في الشرق الأوسط, على حد قوله، مؤكدا أنه يجب على السينما أن تكشف أن أميركا لا تطبق الديمقراطية على نفسها فكيف تطبقها على شعوبنا العربية.
 
وأضاف درويش أن أفلام الموسم الحالي تنتمي بمجملها لنوعية أفلام "الكوميديا السوداء" التي يستطيع الفنان من خلالها أن يقدم للجمهور أفكاره بسلاسة ويسر ويوصل إليهم حلوله للمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتستخدم هذه الأفلام الجانب الكوميدي حتى تجذب الجمهور إلى دور العرض الأمر الذي يحقق المعادلة الصعبة

من خلال جودة الأعمال المقدمة والإقبال الجماهيري على هذه الأعمال.
______________
مراسل الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة