دعوة إلى إعادة قراءة كتب دريدا عربيا

jacques derrida

دعا الكاتب المصري عصام عبد الله إلى إعادة اكتشاف أفكار الفيلسوف الفرنسي الراحل جاك دريدا نظرا لأنه يعالج مشكلات عصرية تتماس مع قضايا عربية. وأوضح في كتاب جديد له أن كثيرا من النقاد والباحثين في العالم العربي تجنبوا التعرض لأعماله بعد قراءات متفرقة وقليلة لبعض من ترجماتها.
 
وشدد عبد الله على أن فلسفة دريدا التي وصفها بالخطورة على كثيرين تلامس العصب العاري لكل ميتافيزيقا وتصطدم بالجدار المكهرب الذي يخشى البشر الاقتراب منه، حيث تمتحن افتراضاتهم وتعري جذورهم أكثر مما ينبغي، وهذا ما أزعج المحافظين في أوروبا وأميركا إذ رأوا في فلسفته نوعا من "العدوان على الحضارة التي يفتخرون بها".
 
وأضاف أن دريدا لم يكن يريد أن يلصق هجمات 11 سبتمبر/ أيلول "بالإرهابيين" وإنما أشار إلى مسؤولية الإدارة الأميركية عن الأحداث كما أشار إلى استمرار الحرب الباردة، فالذين نفذوا هذه الهجمات هم من بقايا الجيوش التي تبنتها أميركا في حربها الباردة ضد الاتحاد السوفياتي سابقا.
 
وقال إن الفيلسوف الفرنسي الراحل كان يرى أن الخطاب الأصولي لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن لا يختلف كثيرا عن الخطاب الأصولي للرئيس الأميركي، باعتبار أن الأصولية -كما يراها دريدا- هي العودة إلى نقاء الأصل والتطهر من التلوث الطارئ على الأصل.
 
وأضاف عبد الله أن هذه الفكرة في رأي دريدا تهدف إلى تحصين الأنظمة الشمولية في العالم بدعم من أميركا، مشيرا إلى أن تفكيك الخطاب السياسي الأميركي يحيل إلى الكتاب المقدس ويكشف عن استمرار المحاولة للبحث عن مسوغ لاهوتي للخطاب السياسي، وهو ما يفعله بن لادن في خطاباته المتشددة التي تحاول العثور على آليات يضمنها النص القرآني.
 
وقال إن عبارة "فليبارك الرب أميركا" حسب دريدا لا تستند إلى دستور مكتوب إذ لم يكن الموقعون على وثيقة إعلان استقلال الولايات المتحدة لحظة التوقيع مزودين ديمقراطيا بسلطة تؤهلهم لأداء هذا الدور، فكان الشاهد في تلك الحالة هو الله على اعتبار أن الإعلان يحتكم إلى قاضي العالم الأعلى.
 
وعلق قائلا "هكذا استند دستور أبرز دولة تدعو ظاهريا إلى قيم الديمقراطية والحرية إلى أصولية دينية لا تزال تتحكم في توجهاتها السياسية ورؤيتها للعالم إلى اليوم".
 
يذكر أن دريدا الذي ولد في الجزائر اكتسب شهرة عالمية بنظريته الداعية إلى تفكيك بناء أي نسق ثقافي أو حضاري أو سياسي أو لغوي تمهيدا لتحليله, وصار فيلسوف التفكيك من المفكرين البارزين في العالم في نهاية القرن العشرين.
 
وصدر كتاب عبد الله في طبعته الثانية هذه "جاك دريدا.. ثورة الاختلاف والتفكيك" مطلع الأسبوع بالتزامن مع معرض القاهرة الدولي للكتاب عن مؤسسة روز اليوسف بالقاهرة.
المصدر : رويترز