القدس في الثقافة اليهودية.. أحلام وأوهام

An Israeli woman touches a grave of an Israeli killed during the 1948 war as the Dome of the Rock mosque appears in the background at the military cemetery on the Mount of Olives in Jerusalem during Remembrance Day, which is traditionally marked a day ahead of the anniversary of the creation of the Jewish state, 26 April 2004 in Jerusalem. Israel readied for celebrations marking the 56th anniversary of its creation, which Israelis celebrate as "Independence Day," amid tight security, as a border guard was killed and two others wounded in a southern West Bank Attack.

نزار رمضان-القدس المحتلة

تتنوع اهتمامات المفكرين والمثقفين الإسرائيليين تجاه القدس، وهي في الغالب تدفع باتجاه تغيير الحقائق وتبديلها بما يخدم مستقبل الوجود الإسرائيلي في المدينة المحتلة على حساب العرب المسلمين.

ففي مؤتمر عقد بجامعة بار إيلان في تل أبيب عن جذور الصراع على المدينة المقدسة، أكد البروفيسور إيلان شبتاي أستاذ الدراسات الشرقية أن مدينة القدس مدينة يهودية لها اهتماماتها في التراث والتاريخ اليهودي، وقد اهتم بها اليهود قبل العرب المسلمين -حسب زعمه- بألفي عام.

وقال شبتاي في ورقة بحثية قدمت للمؤتمر تحت عنوان "القدس والحقيقة التاريخية" إن المسلمين "زوروا الحقائق وقاموا بتحويل القبلة من القدس إلى مكة، وهذا بدوره يثبت أن المسلمين لم يعطوا اهتماما للقدس مثل اليهود".

وفي ميدان رابين بمدينة تل أبيب عقد عرض مسرحي عن النزاع على القدس في الهواء الطلق الأربعاء الماضي. وهتف شمعون داني أحد كبار المشاركين في المسرحية قائلا:

سلام عليك يا أورشليم
فأنت الأمل وأنت مجد الآباء والأجداد
فيك ولدنا
وفيك نبتنا
ولن يستطيع أحد أن يقتلعنا ما دمنا على قيد الحياة
رغم كيد الكائدين والمدعين بأنها لهم.

ولم يقتصر الأمر في تجذير الصراع حول القدس على المسرحيين والباحثين، فهذه مغنية إسرائيلية تدعى شوشانا غولداريشن تمزج في أغانيها بين الغناء العاطفي الساخن ولقاءات الغرام وبين القدس حيث تقول في أغنية غرامية بعنوان "صراع الحب في أورشليم":

هناك صديقي
هناك حبيبي
نلتقي فوق الأسطح القديمة في أورشليم (القدس)
نعيش حياتنا وغرامنا وحدنا دون إرهاب
هناك تتجلى قصة حبنا فوق أرضنا
على جبل الهيكل
ولن نسمح لأحد أن يفسد علينا عشقنا وغرامنا
ما دامت أورشليم ملاذ حياتنا.

هذه الإيحاءات وغيرها تصنع حالة من الرأي العام حول جذور الصراع على القدس وتربية الأجيال وتعبئتهم تجاه هذه المدينة المحتلة.

كما يكشف كتاب "القدس حكاية مؤلمة" لمؤلفه البروفيسور إسحق دانا الكثير من الادعاءات التي تصاغ من قبل الباحثين والمستشرقين حول المدينة، فيقول "إن عمر بن الخطاب عندما فتح القدس صلى خارج أسوار الحرم قرب كنيسة القيامة لأنه على قناعة بأن جبل الهيكل منطقة يهودية وليس منطقة إسلامية".

ويشير دانا في كتابه إلى أن العرب والمسلمين أيام حرب عام 1948 التي يطلقون عليها اسم "الكارثة والبطولة" لم يدافعوا عن القدس، ولم يموتوا من أجلها كما فعلت المنظمات اليهودية "شتيرين" و"الأرغون" و"ليحي" وغيرها، لهذا لا يحق للعرب أن يقولوا إن القدس عربية لأنها يهودية وتعتبر من أقدس مقدسات الشعب اليهودي.

وفي هذا السياق أيضا أصدرت شركة سياحية إسرائيلية غربية ملصقات ملونة تظهر مدينة القدس وقد مسح منها تماما المسجد الأقصى وقبة الصخرة وثبت داخلها رسم الهيكل المزعوم، وقد كتب في أعلى الصورة "أهلا بكم في أورشليم.. مدينة السلام".

هكذا يبدو المشهد الثقافي الفكري الإسرائيلي تجاه القدس.. إجماع بين الفنانين والباحثين والدارسين وكذلك الحاخامات على أنها مدينة إسرائيلية يهودية عبر التاريخ، وكأن هذا التصور امتداد لمقولة الفيلسوف الصهيوني ماكس نوردو إن فلسطين أرض بلا شعب لشعب بلا أرض.
_____________
مراسل الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة