اتحاد الأدباء العراقيين والبحث عن الشرعية

واجهة مبنى اتحاد الأدباء العراقيين

منير الجالودي- بغداد

يمر الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين بمرحلة انتقالية هي أشبه بحال العراق بعد الاحتلال وسقوط نظام صدام حسين. وهي مرحلة بين مرحلتين، مرحلة النظام الشمولي الذي طبع كل شيء بطابعه، ومرحلة تالية لم تتحدد ملامحها أو تتبين مفرداتها.

ويبدو أن العراق كله مازال يعيش حالة الذهول والشرود وما رافقهما من صدمة التغيير الجذري الشامل في كل مناحي الحياة ومرافقها ومنها التغيير في الثقافة والأدب وأنساقهما وخطابهما بعد سياسة الكتابة الواحدة والتوجه الواحد.

يقع مقر الاتحاد في مبنى متواضع على الشارع الرئيسي في ساحة الأندلس، وتتوسط ساحة المبنى صورة ضخمة للشاعر العراقي الراحل محمد مهدي الجواهري، ويضم المبنى إضافة إلى غرف إدارة الاتحاد صالة للمحاضرات زينت بصور أبرز شعراء العراق الراحلين من قبيل بدر شاكر السياب ومعروف الرصافي وجميل صدقي الزهاوي وغيرهم، كما يضم مكتبة حافلة بالعناوين رغم سرقة مجموعة كبيرة من محتوياتها إبان سقوط بغداد.

وكحال أغلب تشكيلات البلاد التي نشأت عقب الاحتلال يعاني الاتحاد من أزمة الشرعية والاعتراف به من قبل الاتحاد العام للكتاب العرب. فقد علّق الاتحاد العام عضوية اتحاد الأدباء العراقيين بدعوى أنه منبثق عن الاحتلال رغم أنه مؤسسة غير حكومية وأصدر بيانا يدين الاحتلال كما قال لنا أمين الشؤون الإعلامية في الاتحاد حسن عبد راضي.

وقد شهدت الجزائر حيث عقد المؤتمر العام للاتحاد نهاية العام الماضي معارك إزاء هذه القضية تولى كبراها الأمين العام للاتحاد الدكتور علي عقلة عرسان الذي رفض مشاركة وفد العراق مطلقا عليه اسم وفد بول بريمر، وهدد عرسان بمغادرة المؤتمر إذا سمح لهم بالمشاركة. ومنذ ذلك الحين والسيوف مشهرة بين عرسان وممثلي اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين.

يدار الاتحاد العراقي من قبل إدارة مؤقتة تم اختيارها على عجل عقب سقوط بغداد فورا كي تحافظ على مقتنيات الاتحاد التي سرق أكثرها، ومن أجل التحضير لعقد المؤتمر العام لانتخاب إدارة جديدة بعد هرب الإدارة القديمة التي كانت موجودة إبان نظام صدام.

undefinedيقول أمين الشؤون الثقافية في الاتحاد الدكتور فائز الشرع إن الاتحاد بصدد الإعداد لعقد مؤتمره العام الذي ينتخب رئيس الاتحاد وإدارته، ولكن الاتحاد يعاني من أزمة مالية كبيرة لا يستطيع معها تمويل اجتماع أعضائه الذين يتجاوز عددهم الألفين في مختلف محافظات البلاد. ورغم ذلك فإنهم يعملون على عقد المؤتمر عقب نقل السلطة للعراقيين نهاية الشهر القادم.

ورغم ضيق ذات اليد والحركة في ظروف صعبة حرص الاتحاد على أن تكون له أنشطته الفاعلة فحافظ على اللقاء الأسبوعي للأعضاء كل يوم أربعاء كما يقول حسن عبد راضي، ويطرح هذا اللقاء موضوعا معينا ويدعى له ضيوف لمناقشة هذا الموضوع. كما أنهم نظموا في شهر يوليو/ تموز 2003 مهرجانا كبيرا عن الجواهري، وأقاموا احتفالية للبياتي وأخرى للرصافي وثالثة لرائد القصة في العراق محمود أحمد السيد.

ومن القضايا التي يغض الاتحاد الطرف عنها قضية يتاجر بها البعض ويستخدمها بعض آخر لتصفية حسابات قديمة كما يقول بعض المتابعين للشأن الثقافي، فبعد سقوط نظام صدام حسين راح بعض المحسوبين على الساحة الأدبية والثقافية يصنفون الأدباء والكتاب وفقا لطريقة تعاملهم مع ذلك النظام.

والمعلوم أن أغلب الأدباء والمثقفين العراقيين مالؤوا النظام السابق ودبجوا فيه قصائد المدح والتبجيل إما خوفا من مغرم معجل أو رغبة في مغنم مؤجل. وليس من مصلحة العراق -كما قال عدد ممن التقيناهم من أدباء العراق مثل الشاعر العراقي الكبير الدكتور محمد حسين آل ياسين والشاعر الدكتور هاني عاشور- إثارة مثل هذه القضايا التي تفرق الساحة وتفت في عضدها.
ــــــــــــــ
موفد الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة