نصير شمة مع الجزيرة نت في ليلة استثنائية

مهرجان الدوحة الثقافي الثالث/ الفنان نصير شمة

الدوحة- عبد الرافع محمد
عندما تلتقي عازف العود العراقي نصير شمة لأول مرة تشعر أنك تعرفه منذ سنوات، وعندما التقته الجزيرة نت تحدث في رقة وعذوبة وبلا تكلف وكأن موسيقاه مركبة في صوته، وأخذنا إلى عالم معزوفاته وإبداعاته، حتى رأينا أنفسنا في ملجأ العامرية أو بجوار طفل يتألم أو حلم يولد أو مشهد من مشاهد الانتماء العربي، الحقيقة أن روح الفنان التي تسطع في عمله لم تفارقه.

كانت الجزيرة نت أول من لقي نصير شمة بعد أقل من ساعة من هبوط طائرته في مطار الدوحة لإحياء "ليلة استثنائية" مع الشاعر السوري علي أحمد سعيد (أدونيس)، ضمن مهرجان الدوحة الثقافي الثالث، وفي ساحة الشيراتون كان اللقاء ممتعا وشيقا، وتألقت روح نصير المحبة في ساعة عبرت سريعا، طفنا خلالها في دوحات الموسيقى العربية وموسيقى نصير شمة.

قال شمة إن الأمسية التي يحييها اليوم السبت مع أدونيس هي عمل يجمع الموسيقى والشعر والغناء، وإنه لا يرافق أدونيس فيها كما قيل، وإنما يؤدي موسيقى منفصلة عن الشعر، وذكر أن "ليلة استثنائية" هي فكرة كرم بها أدونيس عام 2000 وقدمت في القاهرة والإسكندرية، ثم في دبي عندما فاز الشاعر بجائزة سلطان العويس.

وأضاف أنه قدم الفكرة أيضا مع أدونيس ثلاث مرات، مرتين بتونس ومرة في دار ثقافات العالم ببرلين، وأنه عاش في السبعينيات مع تجربة الشاعر العراقي بدر شاكر السياب، وأكد أن السياب هو الذي غير اتجاهه في تذوق الشعر الحديث، وأنها كانت تجربة لا بد منها وأن السياب محطة أساسية في حياته.


قال نصير شمة إن الشاعر العراقي بدر شاكر السياب هو الذي غير اتجاهه في تذوق الشعر الحديث، وأن تجربته معه كانت تجربة لا بد منها وأكد أن السياب كان محطة أساسية في حياته

وأضاف أنه سيقدم في الأمسية صوتين وصفهما بأنهما أحسن الأصوات في مصر، وهما ريهام عبد الحكيم التي غنت بصوتها عندما قامت بدور أم كلثوم، ومي فاروق.

تحدثنا عن معزوفة "حدث في العامرية" فكأننا أهجنا طائر الشوق في قلب الرجل، فأخذ يسرد ويذوب في حديثه وتنهمر مشاعره في كلماته وكأنها قطرات ندى، "معزوفة "حدث في العامرية" ظلمت أعمالا كثيرة كانت موجودة معها مثل "ثورة وأمل" عن الانتفاضة الأولى وقصة المقاومة عن مقاومة الشعب الفلسطيني وعلى حافة الأمل عن نضال المرأة الفلسطينية".

ويرجع نصير شمة السبب في ذلك إلى أن "حدث في العامرية" كانت فكرة جديدة، حيث استطاعت آلة العود أن تلخص حدثا وتنقله للناس بصدق ومن خلال عمل فني، فالموسيقى هي "لغة تجريدية، بل ربما هي أعلى مراحل التجريد".

وذكر أنه كان أحد شهود العيان على الجريمة (حيث قصفت قوات التحالف في حرب العراق الأولى عام 1991 مخبأ العامرية فسقط أكثر من 400 طفل قتلى)، فرأى كل شيء بعينه ورصد الحدث بكل أبعاده، من خلال طفل يتألم، وأم تسترجع الذكريات عندما كان طفلها حيا، وأب يعود إلى البيت وهو يأمل أن يستقبله طفله فلا يجده إلا جثة متفحمة.

وأكد أنه أدان وقتها عام 1991 من داخل العراق كل من تسبب في المأساة، ولكن النظام السابق غض الطرف عن مقولة شمة مع أنه كان دائما لا يسمح لأحد بأن يعارض "ربما لأن النظام أخذ بروعة العمل".

وقال شمة إن "العمل أعاد الارتباط بين الموسيقى والمجتمع وجعل لها دورا في الحياة بعدما كانت في مكان قصي عن أوجاع الناس"، ويصل التأثر لذروته عندما يتذكر لياليه في العناية المركزة بعد أن استنفدت المعزوفة كل طاقته حتى وصل إلى القول "لا أستطيع أن أعود لمثلها".
ـــــــــ
الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة