بيت الحكمة العراقي يبحث عن زمنه الضائع

اطلال بيت الحكمة في بغداد

المحفوظ الكرطيط-بغداد

بعد نحو أربعة أشهر من سقوط العاصمة العراقية في التاسع من أبريل/ نيسان 2003 وتعرض بيت الحكمة لعمليات تخريب ونهب وحرق واسعة استمرت 16 يوما لتحوله إلى رماد وأطلال، تحاول الإدارة القائمة على البيت إعادة الحياة إلى هذا المعلم التراثي والفكري.

فإلى جانب أعمال الترميم دشن البيت أنشطته الفكرية يوم 13 يوليو/ تموز 2003 بتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة في العراق بتنظيم ندوة خصصت لمناقشة مستقبل العراق وذلك تزامنا مع ميلاد مجلس الحكم الانتقالي الذي عينته قوات الاحتلال الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية.

وقد أكد الأمين العام للبيت عدنان ياسين مصطفى للجزيرة نت إصرار الطاقم الحالي للبيت على إعادة إعمار هذا الصرح الحضاري الذي ارتبط بعصر التدوين في عصر الخليفتين العباسيين الرشيد والمأمون والذي يمثل أبهى وأغنى مراحل تشكل الثقافة العربية الإسلامية.

وكانت آخر الإنجازات التي قام بها البيت خلال عام 2002 هي تنظيم 92 مؤتمرا وندوة وحلقة نقاش ومحاضرة، وإصدار 85 كتابا وموسوعة، و37 عددا من المجلات، و23 ملفا، وتكريم ثمانية علماء عراقيين من مختلف الاختصاصات.

روح جديدة
undefinedوقد اضطر بيت الحكمة المطل على نهر دجلة إلى تغيير هيكله التنظيمي والإداري وذلك بسبب تجميد الميزانية السنوية لعام 2003، لكنه استأنف تقليدا راسخا بالبيت يتمثل في عقد الندوات واللقاءات الفكرية حيث تم تخصيص سلسلة للحوار الوطني تناقش القضايا الوطنية الأساسية مثل الدستور وحقوق الإنسان، وذلك لدعم أجهزة اتخاذ القرارات ووضع السياسيات.

كما استأنف البيت إصدار المجلة الشهرية الفكرية "الحكمة" ويعد حاليا لطبع عدة كتب استهلها بترجمة وطبع كتاب "العولمة ومساوئها" للاقتصادي الأميركي جوزيف ستكلتز الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 2001.

وأعد البيت للعام الحالي برنامجا حافلا بالحوارات الفكرية تنصب أساسا حول الكتابة التاريخية والاستشراق والإسلام والغرب، بالإضافة إلى حوارات حول تاريخ العراق السياسي المعاصر ستتمحور حول قيام الدولة العراقية الحديثة والوحدة الوطنية العراقية ودور المثقف العراقي في حركة التحرر الوطني.

مركز عالمي
وتعترف إدارة البيت أنها أمام مسؤولية تاريخية لنفخ الروح في هذه المؤسسة العريقة وتعتزم تحويل أكوام الرماد والأسلاك والكتب المبعثرة هنا وهناك في ممرات البيت إلى مركز عالمي للترجمة ومكتبة لجمع التراث شبيهة بمكتبة الإسكندرية.


undefinedوقدم الأمين العام للبيت عدنان مصطفى تصورا أوليا لهذه المكتبة إلى ممثلية اليونيسكو وإلى جهات أخرى وذلك في محاولة لإعادة الدور التاريخي لهذا البيت، مشيرا إلى أنه لم يتلق إلى حد الآن أي رد من أي جهة لكنه لم يخف أمله في أن يرى مكتبة علمية على أنقاض الأطلال.

وقدرت جهة مسؤولة بالبيت الخسائر التي لحقت به من تجهيزات تقنية ومكتبية بنحو 100 مليون دولار إضافة إلى خسائر تقدر بنحو 70 مليون بسبب نهب وحرق كتب نفيسة ومخطوطات نادرة إلى قطع أثرية ذات قيمة تاريخية وجمالية عالية.

ويحكي حارس البيت الذي كان شاهد عيان على هذا الفصل المأساوي من سقوط بغداد أن نسبة من الكتب التي سرقت من البيت بيعت في ساحة الميدان بالعاصمة العراقية بأبخس الأثمان في ما لم تعرف لحد الآن الوجهة التي أخذتها باقي المنهوبات.

وفي هذه الهجمة التي وصفت بالبربرية الهولاكوية التي استهدفت التراث الثقافي العراقي والإنساني لم تسلم القاعة الكبرى المتاخمة للبيت والتي كانت مقرا لأول برلمان عراقي في منتصف العشرينيات من القرن العشرين حيث تحولت المنصة التي كان ملوك العراق يوجهون منها خطاب العرش إلى رماد.

___________________

موفد الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة